بل وَيلْزم على سِيَاقه لمن اعْترف مِنْهُم بِأَن أَفعَال الْعباد مخلوقة لله تَعَالَى كالنجارية أَن يكون البارى تَعَالَى هُوَ الْمُتَكَلّم بكلامنا لَا نَحن وَذَلِكَ جحد للضَّرُورَة ومباهتة الْمَعْقُول وَهُوَ غير مَقْبُول
ثمَّ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ أَن يكون البارى تَعَالَى مصونا لكَونه فَاعِلا للصوت إِذْ الْكَلَام على مَا هُوَ مُعْتَمد الْخصم مركب من الْحَرْف والأصوات وَالصَّوْت اعم من الْكَلَام وَلِهَذَا صَحَّ عِنْده أَن يُقَال إِن كل كَلَام صَوت وَلَيْسَ كل صَوت كلَاما وَمن ضَرُورَة فعل الْأَخَص فعل مَا ينْدَرج فِي مَعْنَاهُ من الْأَعَمّ وَيلْزم أَيْضا أَن يكون متحركا بِمَا يَفْعَله من الحركات وَيُسمى بِكُل مَا ينْسب إِلَيْهِ من التكوينات وَالْقَائِل بذلك منسلخ عَن ربقة الْعُقُول وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا يعتمده محصول كَيفَ وَأَن الصّفة الحادثه لَهَا نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمحل فنسبتها إِلَى الْفَاعِل بِأَنَّهُ محدثها ونسبتها إِلَى الْمحل بِأَنَّهَا فِيهِ وهما لَا محَالة مَعْنيانِ مُخْتَلِفَانِ وَمَا نسب إِلَى الشئ بِأَنَّهُ فِيهِ يُقَال بِأَنَّهُ مَوْصُوف بِهِ لَا محَالة حَتَّى أَن من قَامَت بِهِ حَرَكَة يُقَال إِنَّه متحرك وَأَن لم يخْطر بالذهن كَونه فَاعِلا أم لَا بل ونحكم عَلَيْهِ بذلك مَعَ الْقطع بِكَوْنِهِ غير فَاعل لما قَامَ بِهِ وَذَلِكَ مُؤَكد كَمَا فِي حَالَة المرتعش وَنَحْوه وَعند ذَلِك فَكيف يَصح ان يُقَال إِن مَا نِسْبَة الْفِعْل اليه بالإحداث يكون مَوْصُوفا بِهِ وَكَيف يُؤثر الشيئان المختلفان فِي حكم وَاحِد من كل جِهَة ثمَّ إِن مَا ذَكرْنَاهُ من أَن قيام الصّفة بِالْمحل يُوجب اتصاف مَحَله بِهِ يظْهر فَسَاد مَا ذَكرُوهُ فِي رسم الْمُتَكَلّم بِأَنَّهُ من فعل الْكَلَام حَيْثُ أَنه لم يكن شَامِلًا لجَمِيع مجارى الْمَحْدُود وَالْحَد والرسم يجب أَن يكون شَامِلًا مطردا وَإِلَّا كَانَ الْمَحْدُود أَعم من الْحَد وَهُوَ محَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute