للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة الْقَائِلُونَ بالشرك طوائف

الطَّائِفَة الأولى عَبدة الْأَوْثَان والأصنام وَلَهُم تأويلات

أَحدهَا أَن النَّاس كَانُوا فِي قديم الدَّهْر عَبدة الْكَوَاكِب ثمَّ اتَّخذُوا لكل كَوْكَب صنما ومثالا وَاشْتَغلُوا بعبادتها وَكَانَت نيتهم تَوْجِيه تِلْكَ الْعِبَادَات إِلَى الْكَوَاكِب وَلِهَذَا السَّبَب لما حكى الله عز وَجل عَن الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ لِأَبِيهِ آزر {أتتخذ أصناما آلِهَة إِنِّي أَرَاك وقومك فِي ضلال مُبين} ثمَّ ذكر عقيب هَذَا الْكَلَام مناظرة إِبْرَاهِيم مَعَ الْقَوْم فِي إلهية الْكَوَاكِب

وَثَانِيها أَن الْغَالِب على أهل الْعَالم دين التَّشْبِيه وَمذهب المجسمة وَالْقَوْم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن الْإِلَه الْأَعْظَم نور فِي غَايَة العظمة وَالْإِشْرَاق وَأَن الْمَلَائِكَة أنوار مُخْتَلفَة بالصغر وَالْكبر فَلَا جرم أَنهم اتَّخذُوا الصَّنَم الْأَعْظَم وبالغوا فِي تَحْسِين تركيبه باليواقيت والجواهر على اعْتِقَاد أَنه على صُورَة الله وَاتَّخذُوا سَائِر الْأَصْنَام على صور مُخْتَلفَة فِي الصغر وَالْكبر على اعْتِقَاد أَنَّهَا صور الْمَلَائِكَة فعلى هَذَا التَّقْدِير عَبدة الْأَصْنَام تلامذة المشبهة

وَثَالِثهَا أَن من النَّاس من قَالَ إِن الْبشر لَيْسَ لَهُم أَهْلِيَّة عبَادَة الْإِلَه الْأَعْظَم وَإِنَّمَا الْغَايَة القصوى اشْتِغَال الْبشر بِعبَادة ملك من الْمَلَائِكَة ثمَّ إِن الْمَلَائِكَة يعْبدُونَ الْإِلَه الْأَعْظَم ثمَّ إِن كل إِنْسَان اتخذ صنما على اعْتِقَاد كَونه مِثَالا لذَلِك الْملك الَّذِي يدبر تِلْكَ الْبَلدة واشتغل بِعِبَادَتِهِ

وَرَابِعهَا أَن المنجمين كَانُوا يرصدون الْأَوْقَات الصَّالِحَة للطلسمات النافعة فِي الْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة فَإِذا وجدوا ذَلِك الْوَقْت عمِلُوا لَهُ صنما ويعظمونه ويرجعون إِلَيْهِ فِي طلب الْمَنَافِع كَمَا يرجعُونَ إِلَى الطلسمات المعمولة فِي كل بَاب وَاعْلَم أَنه لَا خلاص عَن هَذِه الْأَبْوَاب إِلَّا إِذا اعتقدنا أَنه لَا مُؤثر وَلَا مُدبر إِلَّا الْوَاحِد القهار وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

<<  <   >  >>