للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فالتقت أم زاجر والأعور عند رجل من قريش أرسل ساعياً على بني كلاب، فبينما القرشي مجتمعٌ عليه الناس وهو يصدق، سمع أم زاجر وقد ثارت وهي تقول: " صه صاقع، صه صاقع، أير أبيكم فاقع، يلقم الضفادع، والرأس والأكارع، وكل ضب خادع ".

قال: وبينهما مقاولات قبيحة.

[قال ابن السيرافي قال الشاعر]

لعمري لئن أمسيت يا أم جحدرٍ ... نأيت لقد أبليت في طلبٍ عذرا

تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجاريةٍبهراً لهم بعدها بهرا

وقال في عقيب هذا: قال الشاعر:

ألا لا تلطي الستر يا أم جحدرٍ ... كفى بذرا الأعلام من دوننا سترا

ألا ليت شعري هل إلى أم جحدرٍ ... سبيلٌ فأما الصبر عنها فلا صبرا

قال س: هذا موضع المثل:

وإن تحملت أمراً أو عنيت به ... فلا يكونن تقصيرٌ ولا غبن

مثل هذا الشعر إذا لم يعرف قائله، ولم يذكر السبب الذي جره كان كما قيل:

وبعض القول ليس له عياجٌ ... كمخض الماء ليس له إتاء

وسبب هذا الشعر أن ابن ميادة كان ينسب بأم جحدر بنت حسان المرية، فحلف أبوها ليخرجنها إلى رجل من غير عشيرته ولا يزوجها بنجد، فقدم عليه رجل من الشام فزوجه إياها، فاهتداها وخرج بها إلى الشام، فتبعها ابن ميادة حتى أدركه أهل بيته، فردوه مصمتاً لا يتكلم من الوجد. وقد أثبت لك كل الأبيات لأنها من قلائد الشعر:

ألا حييا ربعاً بذي العش دارساً ... وربعاً على الممدور مستعجماً قفرا

أضربه حتى تنكر عهده ... حراجف يسفرن الرغام به سفرا

فذا العش أسقيت الغمام ولا يزل ... ترود بك الآجال مغلولباً نضرا

خليلي من غيظ بن مرة بلغا ... رسائل منا لا تزيد كما وقرا

ومرا على تيماء نسأل يهودها ... فإن على تيماء من ركبها ذكرا

وبالغمر قد جازت وجار مطيها ... فأسقى الغوادي بطن نيان فالغمرا

ولما رأت أن قد قربن أبايراً ... عواسف سهبٍ تاركاتٍ بها ثجرا

أثار لها شحط الديار وجمجمت ... أموراً وحاجاتٍ تضيق بها صدرا

إذا جاوزت بصرى تقطع وصلها ... وأغلق بوابان من دونها قصرا

فلا وصل إلا أن تقارب بيننا ... قلائص يجسرن الفلاة بنا جسرا

غريرية الأنساب أوا ماطليةٌ ... تنازع أيدي القوم ملويةً سمرا

إذا الشمس دارت من مدار ووضعت ... طنافسها ولينها الأعين الخزرا

ألا ليت شعري هل إلى أم جحدرٍ ... سبيلٌ فأما الصبر عنها فلا صبرا

ولو كان نذرٌ مدنياً أم جحدر ... إلي لقد أوجبت في عنقي نذرا

ألا لا تلطي الستر يا أم جحدرٍ ... كفى بذرا الأعلام من دوننا سترا

لعمري لئن أمسيت يا أم جحدرٍ ... نأيت لقد أبليت من طلبٍ عذرا

ألا ليت شعري هل يحلن أهلنا ... وأهلك روضاتٍ ببطن اللوى خضرا

وهل تطرقن الريح تدرج موهناً ... برياك تعروري بها الجرع العفرا

[قال ابن السيرافي قالت الخنساء]

تبكي لحزنٍ هي العبرى وقد عبرت ... ودونه من جديد الأرض أستار

حنين والهةٍ ضلت أليفتها ... لها حنينان إصغارٌ وإكبار

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار

قال: الوالهة يجوز أن تكون بقرة أو ظبية أو ناقة.

قال س: هذا موضع المثل:

إحدى خزاعة أو مزينة أو ... إحدى فزارة أو بني عبس

قول ابن السيرافي: يجوز أن تكون الوالهة كذا أو كذا أو كذا يزيد المستفيد حيرة، وبدعه في لبس، ولا يدري بأيها يأخذ، ويدل هذا القول أيضاً على بلادة ابن السيرافي، فإن العرب لا تضرب المثل في شدة الحنين والوله بالظباء والبقر، ولا يقولون: أحن من بقرة ولا أحن من ظبية، وقد قالوا: أحن من شارف. قال متمم بن نويرة:

وما وجد أظآرٍ ثلاثٍ روائمٍ ... وجدن مجراً من حوارٍ ومصرعا

<<  <   >  >>