للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارعد ولا تمطر بشيء وابرق

تسألني عن طيبات الفستق

وإنما عشت بحب العشرق

وبحسوٍ من شعيرٍ محرق

قال ابن السيرافي قال الفرزدق:

وجدنا نهشلاً فضلت فقيماً ... كفضل ابن المخاض على الفصيل

إذا حلوا لصاف بنوا عليها ... بيوت اللؤم والذل الطويل

قال: نهشل وفقيم ابنا دارم.

قال س: قول ابن السيرافي إن نهشلاً وفقيماً ابنا دارمٍ يدل على أنه كان سيئ التبصر بأنساب العرب، وإنما فقيم ابن أخي نهشل، وهو فقيم بن جرير ابن دارم. وترك بين البيتين بيتاً لا يصح معنى البيت الأول إلا به. ونظام الأبيات - وهي ثلاثة -:

وجدنا نهشلاً فضلت فقيماً ... كفضل ابن المخاض على الفصيل

كلا البكرين أردا ما يليه ... ولكن ريم بينهما قليل

إذا حلوا لصاف بنوا عليها ... بيوت اللؤم والذل الطويل

[قال ابن السيرافي قال مالك بن الريب]

علي دماء البدن إن لم تفارقي ... أبا حردبٍ يوماً وأصحاب حردب

قال: أبو حردبة هذا من اللصوص، وكان يقطع الطريق هو ومالك بن الريب وجماعة معهما، وفيه يقول الراجز:

الله نجاك من القصيم

من بطن فلجٍ وبني تميم

ومن غويثٍ فاتح العكوم

ومن أبي حردبة الأثيم

ومالكٍ وسيفه المشؤوم

قال: وعنى بقوله " إن لم تفارقي " راحلته، أراد أنه يفارق أصحابه. ويجوز أن يريد إبلاً كانوا أخذوها فأراد مالك أن يأخذها منهم.

قال س: هذا موضع المثل: قد قاتلوا لو ينفخون في فحم أكثر ابن السيرافي في تفسير هذا البيت لو أصاب الفص وطبق المفصل، فإنه قد ذكر كل شيء فيه إلا معنى قوله " إن لم تفارقي أبا حردب " وهو عمدة معنى البيت، ولا يعرف إلا بعد معرفة القصة.

وكان من قصة ذلك: أن رجلاً من الأنصار من أهل المدينة استعمل عليهم، فتقدم فأخذ مالكاً وأبا حردبة، فبعث بأبي حردبة وتخلف مع القوم الذين فيهم مالك، فأمر غلاماً له فجعل يسوق مالكاً، فتغفل مالكٌ غلام الأنصار وعليه السيف، فانتزعه منه ثم ضربه به حتى قتله، ثم شد على الأنصاري فقتله، ثم هرب حتى قدم البحرين، ثم مضى إلى فارس فراراً من ذلك الحدث، فلم يزل مقيماً حتى قدم عليه سعيد بن عثمان فاستصحبه فخرج معه.

وفي هذه القصة ومفارقته أبا حردبة يقول مالك:

سرت في دجى ليلٍ فأصبح دونها ... مفاوز حمران الشريف فغرب

تطالع من وادي الكلاب كأنها ... وقد أنجدت منه فريدة ربرب

علي دماء البدن إن لم تفارقي ... أبا حردبٍ ليلاً وأصحاب حردب

[قال ابن السيرافي قال أبو محجن]

يا رب مثلك في النساء غريرةٍ ... بيضاء قد متعتها بطلاق

غلط ابن السيرافي في نسب هذا البيت إلى أبي محجن، وإنما غره أن قائل هذا البيت ثقفي، لكنه ليس بأبي محجن، إنما هو غيلان بن سلمة الثقفي، وهما بيتان، والثاني:

لم تدر ما تحت الضلوع وغرها ... مني تجمل عشرتي وخلاقي

[قال ابن السيرافي قال سالم بن دارة]

أنا ابن دارة معروفاً لها نسبي ... وهل بدارة يا للناس من عار

من جذم قيسٍ وأخوالي بنو أسدٍ ... أكارم الناس زندي فيهم واري

قال: دارة: جد سالم.

قال س: غلط ابن السيرافي في ذلك، إنما دارة أم سالم وعبد الرحمن ابني دارة، امرأة من بني أسد شبهت لجمالها بدارة القمر.

[قال ابن السيرافي قال الأشهب بن رميلة]

وكم قد فاتني بطلٌ كمي ... وياسر شتوةٍ سمحٌ هضوم

فهل زال النهار فكان ليلاً ... وهل تركت مطالعها النجوم

قال: يقول، فهل زال النهار لفقده وموته، وهل غارت النجوم من أجل المصيبة به. يريد: أن الدنيا؛ العادة فيها أن يهلك الناس، وهي لا تتغير لفقد من فقد منها وإن كان كريماً.

قال س: هذا موضع المثل:

إن تك سادات الهجيم ومازنٍ ... قليلاً، فما نوكاهم بقليل

إن كان إصابة ابن السيرافي قليلاً؛ فتخاليطه كثيرة. قدم السيرافي بيتاً يجب أن يؤخر، وأخر بيتاً يجب أن يقدم.

<<  <   >  >>