للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا أرقع ما جاء به ابن السيرافي، ولو كان له حياء لما استحسن لنفسه أن يدخلها في مثل هذا التصحيف الشنيع، ولكن لا دواء لمن لا حياء له.

والصواب: ما بالجزع من ملكان، وملكان: جبل من بلاد بني طيئ، وكان يقال له: ملكان الروم، لأن الروم كانت تسكنه في الجاهلية مرة.

وأنشد أبو الندى رحمه الله:

أبى ملكان الروم أن يشكروا لنا ... ويومٌ بنعف القور لم يتصرم

قال: ونظير ملكان في الوزن ورقان، وهو الذي يقول فيه الخضري - وهو من بني خضر بن محارب بن خصفة -:

لو أن الشم من ورقان زالت ... وجدت مودتي بك لا تزول

فقل لحمامة الخرجاء سقياً ... لظلك حيث يدركك المقيل

ونظيره أيضاً بدلان، وهو الذي ذكره امرؤ القيس:

ليالينا بالنعف من بدلان

ونظير ذلك كثير.

وهذه الأبيات قالها عامر بن جوين الطائي في هند أخت امرئ القيس بن حجر، لما هرب من النعمان بن المنذر، ونزل عليه، فأراد عامر الغدر به، فتحول عنه. وهي:

أأظعان هندٍ تلكم المتحمله ... لتحزنني أم خلتي متدلله

فما بيضةٌ بات الظليم يحفها ... ويفرشها زفاً من الريش مخمله

ويجعلها بين الجناح ودفه ... إلى جؤجؤ جاف بميثاء حومله

بأحسن منها يوم قالت: ألا ترى ... تبدل خليلاً إنني متبدله

ألم تر ما بالجزع من ملكان ... وما بالصعيد من هجان مؤبله

فلم أر مثلها خباسة واحد ... ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله

[قال ابن السيرافي قال الشماخ]

وواعدتني ما لا أحاول نفعه ... مواعيد عرقوبٍ أخاه بيترب

يترب: موضع على مثال يرمع وهو غير يثرب.

قال س: هذا موضع المثل:

يحيي البيض ويقتل الفراخ

كثيراً ما يلهج ابن السيرافي بالتصحيف الفاحش، ويدع الصريح الصر نقح جانباً.

يترب ها هنا في وزن يرمع كما ذكره ابن السيرافي - تصحيف فاحش، والصواب في هذا البيت يثرب وهي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت تسمى في الجاهلية يثرب، وثم جرت قصة عرقوب. فأما يترب وبلاد فهما بلدان قريبان من حجر اليمامة، تجود سهمانها. والبيت من أبيات الشماخ وهي:

أواعدتني ما لا أحاول نفعه ... مواعيد عرقوبٍ أخاه بيثرب

وواعدتني عاديةً بين جولها ... وبين رجاها نصف شأوٍ مغرب

تميل كما مالت على أخواتها ... خرود عذارى في خباء مطنب

وأنشدنا أبو الندى رحمه الله في مواعيد عرقوب - وهو بيت مثل -:

كأن مواعيد القضاعي جاره ... مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

[قال ابن السيرافي قالت ليلى الأخيلية]

إن الخليع ورهطه من عامرٍ ... كالقلب ألبس جؤجؤاً وحزيما

لا تقربن الدهر آل مطرفٍ ... إن ظالماً فيهم وإن مظلوما

قال: تمدح بذلك همام بن مطرف، وهو من ولد الخليع.

قال س: هذا موضع المثل:

إن المحامين عن المجد قلل

معرفة مثل هذا الشعر وما فيه من النسب - عزيز، ليس البيت لليلى الأخيلية، بل هو لحميد بن ثور الهلالي في كلمته التي أولها:

لما تخايلت الحمول حسبتها ... دوماً بأيلة ناعماً مكموما

وهي أبيات.

ولم يذكر ابن السيرافي الخليع، أنه من أي الناس. وهو من بني عقيل، والخلعاء: عمرو وعامر وعويمر من بني ربيعة بن عقيل، وإياهم عنى الخطيم اللص بقوله:

فلو كنت من رهط الأصم بن مالكٍ ... أو الخلعاء أو زهير بني عبس

إذاً لرمت قيسٌ ورائي بالحصى ... وما أسلم الجاني لما جر بالأمس

[قال ابن السيرافي قال حميد بن ثور]

وما هي إلا في إزار وعلقةٍ ... مغار ابن همامٍ على حي خثعما

قال: هو عمرو بن همام بن مطرف من الخلعاء، كانت خثعم قتلت أباه همام بن مطرف، فأتى نجدة بن عامر الحروري فأظهر له أنه على رأيه، وسأله أن يبعث معه ناساً من أصحابه، فأرسل معه نجدة خيلاً، فأغار على خثعم فأصاب منهم فأدرك بثأر أبيه، وصار رأساً في الخوارج. ولما قضى حاجته رجع إلى قومه فنزل فيهم، ثم وضع السيف في النجدية.

قال س: هذا موضع المثل:

<<  <   >  >>