للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يدخل المدينة الطاعون ولا الدجال» (١).

وفي رواية: «المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة، على كل نقب منها ملك لا يدخلها الدجال، ولا الطاعون» (٢).

وورد حديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخول الطاعون لم يكن بالجزم بل بتعليق بالمشيئة: «المدينة يأتيها الدجال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يقربها الدجال» قال: «ولا الطاعون إن شاء الله» (٣).

واختُلِف في استثناء «إن شاء الله تعالى»، فقيل: هو للتبرك فيشملهما، وقيل: هو للتعليق، وأنه يختص بالطاعون، وأن مقتضاه جواز دخول الطاعون المدينة (٤).

وقيل: عدم دخول الدجال في المدينة متيقنٌ، أما الطاعون فلم يدخل بعدُ فيها، وهو المرجو فيما يأتي (٥).

وقد ذكر جمعٌ من العلماء أن الطاعون العام دخل مكة، أما المدينة فلم يُذكر أنه دخلها، وهذا من معجزاته؛ لأن الأطباء عجزوا عن دفع الطاعون عن بلد، بل عن قرية، وقد امتنع الطاعون عن المدينة في العصور المتطاولة (٦).

بينما الوباء ورد أنه قد دخل المدينة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وعك أبو بكر، وبلال ... ، فكان بلال بقول: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، ثم قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، وصححها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة» (٧).


(١) رواه البخاري، ح (١٨٨٠)، (٣/ ٢٢)، ومسلم، ح (١٣٧٩)، (٢/ ١٠٠٥).
(٢) رواه أحمد في المسند، ح (١٠٢٦٥)، (١٦/ ١٨٤)، وقال الهيثمي في المجمع، (٣/ ٣٠٩): رواه أحمد، ورجاله ثقات، وقال السيوطي في ما رواه الواعون في أخبار الطاعون، ص (١٦٠): إسناده جيد.
(٣) رواه البخاري، في كتاب الفتن، باب: لا يدخل الدجال المدينة، ح (٧١٣٤)، (٩/ ٦١).
(٤) ينظر: فتح الباري، (١٠/ ١٨١، ١٩١).
(٥) ينظر: فيض الباري على صحيح البخاري، الكشميري، (٦/ ٥٧).
(٦) ينظر: فيض القدير المناوي، (٤/ ٣٢١).
(٧) رواه البخاري، في كتاب فضائل المدينة، باب كراهية النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعرى المدينة، ح (١٨٨٩)، (٣/ ٢٣).

<<  <   >  >>