للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية قالت -رضي الله عنها-: قدمنا المدينة وهي وبيئة، فاشتكى أبو بكر، واشتكى بلال، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شكوى أصحابه، قال: «اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وحول حماها إلى الجحفة» (١).

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنه قال: لما قدمنا المدينة، نالنا وباء من وعكها شديد. فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الناس، وهم يصلون في سبحتهم قعودا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم» (٢)، وفي رواية: فشا الوجع على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكثر من يصلي وهو قاعد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم» (٣).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهي محمة (٤)، فحم الناس، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المسجد، والناس قعود يصلون. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة القاعد نصف صلاة القائم، فتجشم الناس الصلاة قياماً» (٥).

وفي زمننا هذا انتشر وباء كورونا في أكثر دول العالم، ودخل هذا الوباء المدينة كغيرها من المدن، وتم رصد إصابات ووفيات كثيرة في المدينة بعد إصابتهم بهذا الوباء، بينما ذكر بعض العلماء كما تقدم سابقاً أن الطاعون لم يدخل المدينة.

ثانياً: أن الطاعون من وخز الجن: وقد جاء ذلك في الحديث الصحيح عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فناء أمتي بالطعن (٦) والطاعون». فقيل: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: «وخز (٧) أعدائكم من الجن وفي كل شهداء» (٨).


(١) رواه مسلم، في كتاب الحج، باب الترغيب في سكن المدينة والصبر على لأوائها، ح (١٣٧٦)، (٢/ ١٠٠٢).
(٢) رواه مالك في الموطأ، ح (٤٥١)، (٢/ ١٨٨).
(٣) رواه الطبراني في الكبير، ح (١٤٢٦١)، (١٢/ ٤٢٠).
(٤) محمة: أي ذات حمى، يقال: أحمت الأرض: أي صارت ذات حمى. ينظر: النهاية في غريب الحديث، (١/ ٤٤٦).
(٥) رواه أحمد في مسنده، ح (١٢٣٩٥)، (١٩/ ٣٨٧)، والبزار في مسنده، ح (٦٣٥٣)، (١٣/ ٤٠)، وأبو يعلى في مسنده، ح (٣٥٨٣)، (٦/ ٢٧٥)، وقال الأرناؤوط في حاشية المسند، (١٩/ ٣٨٧): حديث صحيح.
(٦) الطعن: هو النخس في الشيء بما ينفذه، من ذلك الطعن بالرمح. ينظر: مقاييس اللغة، (٣/ ٤١٣).
(٧) الوخز: طعن ليس بنافذ. ينظر: النهاية في غريب الحديث، (٥/ ١٦٣).
(٨) رواه أحمد في المسند، ح (١٩٥٢٨)، (٣٢/ ٢٩٣)، والبزار في مسنده، ح (٢٩٨٦)، (٨/ ١٦)، وأبو يعلى في مسنده، ح (٧٢٢٦)، (١٣/ ١٩٤)، والطبراني في الأوسط، ح (٣٤٢٢)، (٣/ ٣٦٧)، والحاكم في المستدرك، ح (١٥٨)، (١/ ١١٤)، وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الصحيحة، (٤/ ٥٦١).

<<  <   >  >>