للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن حجر -رحمه الله-: كونه من طعن الجن ولا يخالف ذلك ما قال الأطباء من كون الطاعون ينشأ عن هيجان الدم أو انصبابه؛ لأنه يجوز أن يكون ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث منها المادة السمية ويهيج الدم بسببها أو ينصب، وإنما لم يتعرض الأطباء لكونه من طعن الجن؛ لأنه أمر لا يدرك بالعقل وإنما يعرف من الشارع، فتكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم (١).

ثالثاً: من أوجه الاختلاف بين الطاعون والوباء ما ذكره أهل العلم والطب الحديث بأن هناك فرق بين منشأ الطاعون وتكوينه وبين منشأ الأوبئة وتكوينها ومنها وباء كورونا؛ فالطاعون منشؤه هو البكتيريا (٢)، بينما الأوبئة قد يكون منشؤها البكتيريا أو الفيروسات (٣).

وقد عرف أهل الطب الحديث الطاعون بأنه مرض يصيب البشر والثدييات وتسببه بكتيريا تسمى يرسينيا بيستيس، وعادة ما يصاب البشر بالطاعون بعد أن يلدغهم برغوث قارض يحمل بكتيريا الطاعون، أو عن طريق التعامل مع حيوان مصاب بالطاعون (٤).

وقد يصاب بعض الأفراد بالطاعون الرئوي عن طريق استنشاق الهواء الملوث بميكروب الطاعون (٥).

أما وباء كورونا فهو عبارة فيروس من فصيلة فيروسات كورونا الجديد؛ حيث ظهرت أغلب حالات الإصابة به في مدينة ووهان (WHAN) الصينية نهاية ديسمبر (٢٠١٩ م) على صورة التهاب رئوي حاد، ويُعتقد أن فيروس كورونا الجديد مرتبط بالحيوان؛ حيث إن أغلب الحالات الأولية كان لها ارتباط بسوق للبحريات والحيوانات في مدينة ووهان (WHAN)،


(١) فتح الباري، (١٠/ ١٨١).
(٢) البكتيريا: كائنات مجهرية ذات خلية واحدة، شكلها مستطيل كالعصية أو مكور أو لولبي، تعيش في جميع أجواء البيئة من ماء وتربة وهواء ومواد عضوية حية وغير حية، وتتكاثر بالانقسام إلى شطرين: جرثومة، وميكروب. بعضها مفيد، والبعض الآخر ضار. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، (١/ ٢٣٤).
(٣) الفيروس: عبارة عن جزيئات معدية وليست خلايا، وتتألف من مواد وراثية محاطة بغشاء واق من البروتينات ولا تمتلك أجهزة خلوية؛ لتوليد الطاقة وإنتاج البروتينات أو للتكاثر، وهي ليست كائنات حية، ولا يمكن القضاء عليها بواسطة المضادات الحيوية. ينظر: موقع دي دبليو الطبي https:// www.dw.com/ ar
(٤) ينظر: موقع سي دي سي الطبي https:// www.cdc.gov/ plague
(٥) ينظر: مقدمة د. محمد علي البار لكتاب ما رواه الواعون في أخبار الطاعون للسيوطي، ص (٣٢ - ٣٥).

<<  <   >  >>