للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء (١).

وقال ابن حجر -رحمه الله-: في الاعتداء في الدعاء يقع بزيادة الرفع فوق الحاجة، أو بطلب ما يستحيل حصوله شرعاً، أو بطلب معصية، أو يدعو بما لم يؤثر خصوصاً ما وردت كراهته كالسجع المتكلف وترك المأمور (٢).

ثالثاً: أن الدعاء عبادة؛ ولذلك يجب أن يتأدب الداعي بأدب العبودية لله في دعائه، ومن الآداب: ألا تعبده بما لم يشرعه، وتثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه.

فعن أبي نعامة، عن ابن لسعد، أنه قال: سمعني أبي، وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة، ونعيمها، وبهجتها، وكذا، وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، وكذا، وكذا، فقال: يا بني، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء، فإياك أن تكون منهم، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها، وما فيها من الشر (٣)».

قال ابن القيم -رحمه الله-: من الاعتداء أن تعبده بما لم يشرعه وتثني عليه بما لم يثن به على نفسه ولا أذن فيه؛ فإن هذا اعتداء في دعاء الثناء والعبادة، وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطلب (٤).

رابعاً: من المخالفات البدعية في الدعاء: الدعاء الجماعي أو الصلاة الجماعية ثم الدعاء فيها بدعاء بصوتٍ واحد متفق عليه وبطريقة جماعية.

وهذا دعاء بدعي لم يثبت أن فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه، ولا أنه كان يذكر ربه ويردد خلفه أصحابه - رضي الله عنهم -.

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع شيء منها إلا بدليل. وما لم يدل عليه دليل فهو بدعة ... ، ثم ذكر بعض البدع. وقال: ومنها الذكر الجماعي بعد الصلاة؛ لأن


(١) الجامع في أحكام القرآن، (٧/ ٢٢٦).
(٢) فتح الباري، (٨/ ٢٩٨).
(٣) رواه أحمد في مسنده، ح (١٥٨٤)، (٣/ ١٤٦)، وأبو داود في السنن، ح (١٤٨٠)، (٢/ ٧٧)، والطبراني في الدعاء، (٥٦)، ص (٣٧)، وقال الألباني، في الصحيحة، (٧/ ٣٥٢): صحيح.
(٤) بدائع الفوائد، (٢/ ١٤).

<<  <   >  >>