للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوجيه العقدي لهذه النازلة كالآتي:

أولاً: إن الالتزام بالإجراءات والالتزام بالتعليمات التي فرضتها المملكة وطبقتها الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة هو من باب السمع والطاعة لولي الأمر، وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة المتواترة الدالة على وجوب طاعة ولي الأمر.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩].

قال ابن سعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: أمر الله بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية (١).

وأما النصوص من السنة الدالة على وجوب طاعة ولي الأمر فقد جاءت كثيرة ومتواترة، ومن ذلك:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني» (٢).

وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: «بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم» (٣)، وفي رواية: «وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا


(١) تيسير الكريم الرحمن، ص (١٨٣).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) رواه البخاري في كتاب الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام الناس، ح (٧١٩٩)، (٩/ ٧٧)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، ح (١٧٠٩)، (٣/ ١٤٧٠).

<<  <   >  >>