للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: من القواعد الشرعية المعتبرة أيضاً قاعدة: المشقة تجلب التيسير، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، وهذه القاعدة يقال فيها ما قيل في القاعدة السابقة في مسألة منع إقامة الصلوات في المساجد أثناء الحظر وصلاتها في البيت.

فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس بالصلاة في رحالهم؛ مخافة الضرر والمشقة، فعن نافع -رحمه الله- عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر، فقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم، ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المؤذن، إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر في السفر، أن يقول: «ألا صلوا في رحالكم» (١).

قال السيوطي -رحمه الله-: قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته (٢).

فإذا كانت الصلاة في البيوت جائزة في الضرر اليسير من الطين والمطر الشديد؛ فمن باب أولى الضرر المحقق في مثل الأوبئة والأمراض المعدية التي يترتب عليها هلاك وإن كان مظنونًا.

رابعاً: من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها حفظ الضروريات الخمس، ومنها حفظ النفس، والتقيد بالإجراءات المفروضة من قبل الجهات الحكومية المكلفة من قبل ولي الأمر يحقق هذا المقصد الشرعي.

قال الشاطبي -رحمه الله- عن الضروريات الخمس: لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين (٣).

وقد أكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله على هذا الأمر، فقال: إن من مقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها حفظ الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض،


(١) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصلاة في الرحال، في الليلة الباردة أو المطيرة، ح (٦٣٢)، (١/ ١٢٩)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، ح (٦٩٧)، (١/ ٤٨٤)، واللفظ لمسلم.
(٢) الأشباه والنظائر، ص (٧٧).
(٣) الموافقات، (٢/ ١٧ - ١٨).

<<  <   >  >>