للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" ١٢٤ " قال في مثله ابنُ غُدانة وكان زائراً لعُقبة بن سلم الهنائي وهو عامل على البحرين فاستخف ببعض شأنه وحجبه كالمعاتب ثن أذن له بعد ذلك وأدناه على أنه كالمستوحش مما فعل به:

أسأتَ إليَّ جُهدَكَ يا ابن سلم ... فلم اقطعك للود القديم

ولا يؤيسك مني أن رمتني ... إساءاتٌ لفعلك بالعظيم

ونزلني وغيري لاختلاف ... من الحالات منزلة العليم

بحيث أكون إن وصلا فوصلٌ ... وإن قطعا فغير فتى مُليم

وما مثلي ولستُ إذا كغيري ... حقيقٌ للقطيعة بالرجوم

فلا تقطع على حال صفياً ... عجلت عليه بالفعل الذميم

وغيري أوله قطعاً مُبتا ... من اللؤماء بالبطشِ الأليمِ

ولا ترجع إليه فإن جهلاً ... تذمُ به مُعاودة اللئيم

٨٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال العاقل حقيق بالنظر فيهن والاحتيال لهن. منهن: النظر فيما مضى من الضر الذي أصابه سالفاً لئلا يعود إليه، والتماس ما مضى من النافع فيحتال لمعاودته والنظر فيما هو مقيم فيه من المنافع والمضار والاستكثار مما ينفع ويحسن موقعه والهرب مما يضر والنظر في مايتوقع منه ضرراً أو نفعاً واستقبال ذلك بحسن التأتي.

" ١٢٥ " قال ابن أصرم:

تعقب ما قد فات منك مع الذي ... أصابكَ بالضراء في سالف العُمر

وإياك أن ترجع إليه وطالباً منافع ما قد كُنت تعرفُ في الدهرِ

فعاودهُ حيث اسطعت ذاك ولا تضع ... تعاهد ما خيمت فيه من الأمر

من النفع والضراء تخشى نزولها ... بكل حِذارٍ فالسلامة في الحذر

وكن هارباً مما تخوف ضُره ... وذا نظر في النفع تبكرُ أو تسري

تأن لكُل بالعزيمة واَستعن ... بصبرٍ فإن الفوز يبلغ بالصبرِ

٨١ - قال صاحب الكتاب: ويقال الزم ذا العقل واسترسل إليه وإياك وفراقه ولا عليك أن تصحب العاقل وإن كان غير محمود الكرم. ولكن احترس من سيئ أخلاقه وانتفع بعقله. ولا تدع المواصلة للكريم فإن لم تحمد عقله فإنك تنتفع بكرمه وتنفعه بعقلك. وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم.

" ١٢٦ " قال العرزمي:

آخي الفتى ذا العقل والكرم الذي ... تُزاد به في حيث تذكره نبلا

وإن كان ذا عقل ذميم خلائق ... فجانبه للأخلاق لا رأيه الجزلا

" ١٢٧ " وقال في مثل العديم العقل علي بن الخليل: إذا كنت ذا عقلٍ وآخيت سيداً كريماً عيّياً ليس يُحمَ عقلُهُ

فدار الفتى عند التفاوض بالتي ... تُزينهُ ما قال أو جَدَّ فِعلهُ

ونل منهُ نفعاً حين يُوليك نفعهُ ... وحُطهُ بتسديدٍ إذا عنَّ جهلُهُ

وجانب أخا النوك اللئيم مُفارقاً ... فكل يُصافيه من الناس مِثله

[٨٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال افضل البر الرحمة وأفضل المودة الاسترسال وأفضل العقل ما يكون مما لا يكون وأفضل السرور طيب النفس وأفضل القنوع حسن الانصراف عما لا سبيل إليه.]

" ١٢٨ " قال أمية بن أبي الصلن:

وأفضل برٍّ انت راجٍ ثوابه ... مبرة ذي قربى برأفة آيب

وخير سُرورٍ طيب نفسٍ وإن ثَوت ... قليلة وفرٍ في نُفوسٍ جنائبِ

كفى فضل عقل المرء معرفةُ الذي ... يكونُ وما لا يستتبُّ لراغبِ

وفضلُ قنوعِ المرءِ حُسنُ انصرافه ... عنِ الشيء لا سُبلٌ إليه لطالبِ

[٩٠ - قال صاحب الكتاب: لا ينبغي للملتمس العاقل ان يلتمس من الدنيا فوق الكفاف الذي يدفع به الأذى والحاجة عن نفسه وذلك يسير انما هو المطعم والمشرب إذا أعين بسعة بلد وسخاء نفس.]

" ١٢٩ " قال أرطاة بن سهية المُري:

أطلُب كفافاً فما في الأرض من أحدٍ ... نال الكفاف على تقوى وإرشاد

من ملبس وشرابٍ بعد مطعمه ... في حيثُ خيم في غور وإنجاد

إلا حوى الفوز في الدنياوآجلها ... إذا أُعين بنفسٍ شُحُّها رادي

لا تتعبن فإن الرزق عن قدر ... يأتيك طالبُهُ عن غيرِ ميعاد

" ١٣٠ " ويتعلق هذا المعنى بقول امرئ القيس بن حجر:

<<  <   >  >>