للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سأبلُغُ فيكَ الحقَّ بالعدل حاكماً ... بما حده في مثل أمثالك العدلُ

١٢٨ - قال صاحب الكتاب: ويقال كثرة العمال إذا لم يكونوا مجزين مضرة بالعمل فان العمل ليس رجاؤه بالكثير منهم ولكن بالقليل من صالحيهم، كالرجل الذي يحمل حجراً ثقيلاً فيجهد نفسه ولا يصيب به ثمناً، وآخر يحمل الياقوت فلا يثقله ولا يجهد نفسه ويصيب به أكثر من امله.

" ١٦٩ " قال لبيد بن ربيعة:

إذا كثر الإخوانُ في العمل الذي ... تحاولهُ في كلِّ عيبٍ ومشهد

ولم تك للإجزاء فيه مُبالغاً ... فذاك مع الإضرار أفسدُ مُفسدِ

ولكن قليلُ الصالحين بنُصحهم ... تُتِمُّ لك الأعمال في كُلِّ محفَدِ

" ١٧٠ " وقال عبد الحجر بن أمية بن أبي الصلت: إذا حمل الصخر امرؤٌ كان حملهُ ثقيلاً غيرَ ما طائلِ الرِّفدِ فإن حَمَلَ التبر العزيز فإنه كثيرٌ خفيفٌ مُبلغٌ أسعد الجدِّ

١٢٩ - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل يحذره السلطان إذا كان قد أطيلت جفوته أو كان شرها حريصاً أو كان أجرم جرماً مع نظراء له فعفي عنهم دونه، أو عُوقبوا جميعاً فبلغ منه ما لم يبلغ منهم، أو كان قد أبلى بلاء حسناً مع نظراء له ففُضلوا عليه في المنزلة والجاه، أو كان غير موثوق به في الدين، أو كان يخاف في شيء مما ينفعه عند السلطان ضرراً، أو كان لعدو السلطان مُواداً. فكل هؤلاء ليس للسلطان حقيقاً بالاسترسال إليهم والثقة بهم والائتمان لهم.

" ١٧١ " قال المُسيب بن علس أعشى بني قيس بن ثعلبة:

لا تأمننَّ امراءاً أورثت مُهجته ... حقداً عليك فان الحُرَّ ينتقِمُ

أطلت جفوته والمرء ذو شره ... مُستشعر الحرص حتى ناله العَدَمُ

وآخراً كان في قومٍ ذوي جُرمٍ ... عاقبتهُ دونهم جوراً بما اجترموا

أو كان أبلى وأقوامٌ عرفت لهُم ... من دونه فضلُ ما أبلوا وما غنموا

أو كان يخشاك ضُراً في منافعهِ ... أو نقصِهِ من جزيلٍ حين يُقتسمُ

أو كان ليس بذي دينٍ وكان إلى ... أعدائكَ الخرزِ ما تُصغي وتعتصمُ

لا تأتمنهم ولا تجعلهُمُ ثقةً ... فيما ألمَّ وإن بروا وإن خدموا

١٣٠ - قال صاحب الكتاب: ويقال يؤتى الملك من ست خصال: من الحرمان والفتنة والهوى والفظاظة والزمان والخُرق. فأما الحرمان فمن الأعوان والنصحاء والساسة ومن أهل الرأي والنجدة والأمانة. واما الفتنة فبحرب الناس ووقوع الحرب بينهم. واما الهوى فالإغرام بالنساء واللهو والصيد وما أشبه ذلك. وأما الفظاظة فالإفراط في الشدة حتى يستعمل اللسان بالشتم واليد بالبطش في غير موضعه. وأما الزمان فيما يصيب الناس من نقص السنين والموتان. وأم الخرق فإعمال الشدة في موضع اللين وإمال اللين في موضع الشدة.

" ١٧٢ " قال الأبرص، وهو أبو عبيد بن الأبرص، يعدد الخصال وغيرها في حجر بن عمرو أبي امرئ القيس بن حجر ويحرض بني أسد على قتله:

علام نُطيع المُترف الملك الذي ... تردى خلالاً كُلُّهنَّ مُشينُ

فأكبرها الحرمان والفتنة التي ... بها نال منا القهر وهو غير غبين

فلا وزراء يعرفون نصيحةً ... ولا خل صدقٍ يعتريه أمينُ

ولا أهل رأيٍ لا ولا أهل نجدةٍ ... فيعرف منهم صاحبٌ وخدينُ

يسومُ بعزٍّ من أطاع بغلظةٍ ... ويُدني الذي يعصيه فهو قرينُ

ويشتدُّ في وقتٍ به اللين واجبٌ ... وحين يكون الشدُّ فهو يلين

وأُغرم بالنسوان فاْحتقب التي ... هي العار والشنعاءُ حيثُ يكونُ

وبالسُّكرِ واللهو الذي هو سُبةٌ ... عليه وخزيٌ حيثُ حلَّ يشينُ

رُمينا به قحطاً وموتاً فقد أنت ... علينا سنونٌ بعدهُنَّ سنونُ

نُسامُ بخسفٍ لا يُناوى وليدهُ ... ومأتاة آفاتٍ لهنَّ فُنونُ

فكيف نرى الإبقاء لا كان مُترفا ... عليه وقتلُ الظالمين يهون

بني أسد شدوا المآزر وارحضوا ... بمقتله عار الحياة وصونوا

<<  <   >  >>