للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢٢ - قال صاحب الكتاب: ويقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك إليه. ولا تقاربه كل المقاربة فتهون عليه ويجترئ عليك فان مثله مثل العلم المنصوب في الشمس إذا أملته قليلاً زاد ظله، فان جاوزت الحد في الإمالة انتقص.

" ١٦٣ " قال في مثله مرداد المازني: ونابذني بالجهل من غير إحنةٍ عدوٌّ حسودٌ ناطقٌ بالمعائِبِ

فقاربتهُ لا أن في ذاك حاجةٍ ... إليه فيستعلي لبعضِ التقارُبِ

وألبستُهُ ثوباً من الخزي ظاهراً ... وألزمتهُ السوآء من كُلِّ عائِبِ

ولو أنني قاربتُه القربَ كُلَّهُ ... لهُنتُ عليه في جميع المذاهبِ

١٢٣ - قال صاحب الكتاب: ويقال الحازم لا يأمن عدوه على حال: فإنه إن كان بعيداً لم يأمن مغاورته، وان كان قريباً لم يأمن مناجزته، وان كان مطرداً لم يأمن كرَّته، وان كان وحيداً لم يأمن مكره.

" ١٦٤ " قال عنترة العبسي يوم الجون الكندي وامر بطلبهم وهم مجتازون:

لا تأمننَّ عدواً كيف كان على قُرب من الدارِ أو بُعدٍ على حال

أكان مُنهزماً أو كان مُطرداً ... أو مفرداً كان أو ذا جحفلٍ عال

أو ناسكاً كان في طمرين بينهما ... شخصٌ ضئيلٌ أخو عُسرٍ وإقلال

في أي حالاته لا تأمنن لهُ ... ما كان مكراً بإدبار وإقبال

البس لهُ حذراً واشهر ملابسهُ ... تستغنِ عن ناصرٍ في حربه والِ

[١٢٤ - قال صاحب الكتاب: ويقال لكل حريق مطفئ فللنار الماء وللسم الترياق وللعشق الالتقاء وللحزن الصبر ونار الحقد لا يطفئها شيء.]

" ١٦٥ " قال ركاض الدُّبيري: سأطفي حرارات الفؤاد من الهوى بغير التقاء حين تسنو لواهبهُ

كما ضرم النيران ادمان مشعل ... طفته بغير الماء قدماً ثواقبه

وأصبر للأحزان منك زنارها ... فإطفاؤها بالصبرِ ما جدَّ غالبه

فكيفَ بحقدٍ منك في القلبِ راسخِ ... ولا شيءَ يُطفيه فقد عزَّ جانبه

[١٢٥ - قال صاحب الكتاب: ويقال من أقلعت عنه الحمى استراح قلبه، ومن وضع عنه الحمل الثقيل اراح متنه ومن أمن عدوه أمن ليله وثلج صدره.]

" ١٦٦ " قال ركاض الدبيري أيضاً:

وفدحني حِملٌ ثقيلٌ حملتُهُ ... من الحُبِّ لا تقوى عليه النوازلُ

وأسهر ليلي إنه عاد شائناً ... عدُوُّ أخلائي الذين أُنازلُ

فلما سلوتُ الحُبَّ ألقيت ثقلهُ ... وثقلُ الهوى لا كان للمرء شاغلُ

فبتُّ مُراح الظَّهرِ هادٍ في الهوى ... رمتني العدى فاستدبرتني العواذلُ

١٢٦ - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل وان كان واثقاً بقوته ورأيه لا يحمله ذلك على ان يجني على نفسه عداوة وبغضة، ولا يغتر بعداوة ضعيف اتكالاً على ما عنده من القوة والرأي كما أن الطبيب وان كان عنده الترياق وادوية السموم لا يحمله ما عنده من ذلك على شرب السم اتكالاً عليها.

" ١٦٧ " قال حصين بن زُهير للربيع بن زياد حين فعل باخيه قيس ما فعل من اخذ أدراعه:

إذا كُنتَ ذا رأيٍ وعقل وقوةٍ ... على ثقةٍ الا تُنازع في خَطب

فلا تجتن البغضاء من متقربٍ ... إليك وتستعِ العداوة بالعتب

وإياك لا تستضعفن مُقلاً ... لوهن الذي يبدي وبأسك في الحربِ

فإن البصير الطبَّ لا يركب الذي ... يُحاذرُ في الإمحال من صاحبٍ مُربي

فيشرب سُماً باتكالٍ على الذي ... لديه من الترياق أو محكمِ الطبِّ

ولا يلتبس يوماً عليك فإنه ... هو العقلُ في بُعدٍ يُحاذر أو قربِ

[١٢٧ - قال صاحب الكتاب: ويقال إنما يستخرج ما عند الرجال ولاتهم وما عند الجنود قادتهم وما في الدين والتأويل علماؤه.]

" ١٦٨ " قال الحجاج لما أمر بقتل مُحرز بن لقيط متمثلاً:

خبرتك لما كنت انت رعيةً ... فلم يخف عني منك جدٌ ولا هزْلُ

كما اختبر المكنونَ قائد عُصبةٍ ... فلم يعي عنهُ من دفائنهم دَخلُ

فأصبحت ذا علمٍ بك اليوم باطنٍ ... كما علم التأويل ذو العلم لا أغلو

<<  <   >  >>