وسادسة: إِن كان المتأَخر في الطبيعة أَو في الكون - يعني الزمان فقط - ممكنا، فالمتقدم أَيضا ممكن؛ مثال المتقدم بالطبع: إِن كان الإِنسان يمكن أَن يكون كهلا، فقد يمكن أَن يكون غلاما. ومثال المتقدم بالزمان فقط دون الطبع: الصحة الكائنة بعد المرض. فهذا الموضع ينقسم إِلى مقدمتين، ثم قد تعكس كل واحدة من هاتين، فيحدث هاهنا أَربع مقدمات. فإِنه إِن كان المتقدم في الطبيعة أَو في الزمان ممكنا فالمتأَخر أَيضا ممكن.
ومقدمة ثامنة: وهي أَن كل ما هو بالطبع محبوب ومشتهى، فهو ممكن أَن يكون وأَن يفعل؛ فإِنه ليس يشتاق أَحد - إِذا كان شوقه على المجرى الطبيعي - ما ليس بممكن.
وتاسعة: وهي أَن الأَشياءَ التي تحتوي عليها العلوم والصناعات ممكنة لنا، أَعني أَن نعلم ما في العلوم وأَن نعمل ما في الصنائع.
وعاشرة: وهي أَن الأُمور التي بدأَ كونها فينا أَو بحكمنا مثل الأَشياء التي نجبر عليها عبيدنا أَو نتشفع فيها إِلى أَصدقائنا فهي ممكنة؛ وذلك أَن الذي في ملك الأَصدقاءِ ممكن، كما أَن الذي في ملكنا ممكن.
وحادية عشرة: وهو أَن الذي تكون أَجزاؤه ممكنة، فالكل ممكن.
وثانية عشرة: وهو إِن كان الكل ممكنا، فالأَجزاءُ ممكنة؛ مثال ذلك أَنه إِن كان البرهان ممكنا، فمقدمات البرهان ممكنة وتأليفه ممكن.
وثالثة عشرة: وهي إِن كان النوع ممكنا، فالجنس ممكن؛ وعكسه وهو إِن كان الجنس ممكنا، فالنوع ممكن؛ مثال ذلك إِن كان يمكن أَن تكون سفينة ذات مجاديف كثيرة، فقد يمكن أَن تكون ذات مجاديف ثلاثة؛ وعكسه إِن أَمكن أَن تكون ذات ثلاثة مجاديف، أَمكن أَن تكون ذات مجاديف كثيرة.
وخامسة عشرة: وهو إِن كان أَحد المضافين ممكنا، فالمضاف الآخر ممكن، كمثل الضعف والنصف.
وسادسة عشرة: وهو إِن كان شيء ما يمكن أَن يكون لغير ذي صناعة فهو لذوي الصناعة أَمكن، وذلك أَن هاهنا أَشياء توجد مرة بالعرض، ومرة بالذات، ومرة بصناعة، ومرة بلا صناعة. فهذه متى كانت ممكنة بالعرض كان إِمكانها بالذات أَحْرى. وكذلك يوجد الأَمر فيها إِذا وجدت بصناعة وبغير صناعة.
وسابعة عشرة: وهو إِن ما كان ممكنا للأَوضع والأَخس والأَحقر والأَقل عناية فهو لأَضداد هؤلاءِ أَمكن، كما قال سقراط: إِنه لشديد علىّ أَن أَعجز عما يفعله الجاهل؛ أَو كما يقال: إِنه لقبيح أَن يعجز أَرسطو عن معرفة ما أَدكه زينُنْ.
وأَما المقدمات التي يوقف منها على أَن الشيءَ غير ممكن فمعلومة من أَضداد هذه التي قيلت. مثال ذلك: أَن ما كان غير ممكن للذين هم أَشد عناية فهو غير ممكن للذين عنايتهم قليلة؛ وأَن الكل إِذا كان غير ممكن، فالأَجزاء غير ممكنة.