للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨)} [طه: ٩٨] (أي هو عالم بكل شيء، أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، فلا يعزب عنه مثقال ذرة، في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)} [هود: ٦]) (١).

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: «نعم»، قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: «كل ميسر لما خلق له» (٢). وقد ترجم عليه البخاري بقوله: بابٌ جفَ القلمُ على علم الله، وقوله: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (قال عياض: معنى جف القلم أي لم يكتب بعد ذلك شيئا، وكتاب الله ولوحه وقلمه من غيبه ومن علمه الذي يلزمنا الإيمان به) (٣).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، كما تنتجون البهيمة هل فيها من جدعاء، حتى تكونوا أنتم تجدعونها» قالوا: يا رسول الله: أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (٤). والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

[المرتبة الثانية: الكتابة]

وهو أن الله كتب جميع الأشياء من خير وشر، وطاعة ومعصية، وآجال وأرزاق، وغير ذلك، قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠]، (يخبر تعالى عن كمال علمه بخلقه وأنه محيط بما في السموات والأرض فلا يعزب مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه تعالى علم الكائنات قبل وجودها وكتب ذلك في اللوح المحفوظ) (٥).


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١٧٢).
(٢) رواه مسلم كتاب القدر: باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه (١٦/ ١٩٨ - شرح النووي)، ورواه البخاري كتاب القدر، باب جف القلم على علم الله، (١١/ ٤٩١ - فتح الباري).
(٣) فتح الباري (١١/ ٤٩١).
(٤) رواه البخاري، كتاب القدر، باب الله أعلم بما كانوا عاملين، (١١/ ٤٩٣ - فتح الباري) ورواه مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، (١٦/ ٢١٠ - شرح النووي)
(٥) تفسير ابن كثير (٣/ ٢٤٥).

<<  <   >  >>