للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك يكون في ليلة القدر ويدل عليه قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)} [الدخان: ٤]، وقوله تعالى: {الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥) لَمْ} [القدر: ٤ - ٥]، قيل يكتب في هذه الليلة ما يحدث في السنة من موت وعز وذل وغير ذلك، روي هذا عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير وأحد من السلف (١).

[الخامس: التقدير اليومي]

ويدل عليه قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩]، عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قال: «من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين»، علقه البخاري عن أبي الدرداء موقوفاً (٢).

[المرتبة الثالثة: المشيئة]

أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه ولا يكون في ملكه إلا ما يريد. كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} [التكوير: ٢٨ - ٢٩]، قال ابن كثير: (أي ليست المشيئة موكولة لكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل بل ذلك كله تابع لمشيئته تعالى رب العالمين) (٣).

وقال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)} [المدثر: ٥٥ - ٥٦]، (وما يذكرون إلا أن يشاء الله - فإن مشيئة الله، نافذة عامة، لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير. ففيها رد على القدرية، الذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة الله، والجبرية الذين يزعمون أنه ليس للعبد مشيئة، ولا فعل حقيقة، وإنما هو مجبور على أفعاله. فأثبت تعالى للعباد مشيئة حقيقة وفعلاً، وجعل ذلك تابعاً لمشيئته) (٤).

وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١٣٧)} [الأنعام: ١٣٧]. قال ابن كثير: (أي كان هذا واقع بمشيئته تعالى وإرادته واختياره لذلك كوناً، وله الحكمة التامة في ذلك، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (٥).


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٨ - ٥٧٠).
(٢) رواه البخاري في كتاب التفسير، سورة الرحمن (٨/ ٦٢٠ - فتح الباري).
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٥١٢).
(٤) تفسير ابن سعدي (٧/ ٥٢٠).
(٥) تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٦).

<<  <   >  >>