للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعريف أخر: هو التصديق الجازم بأن كل خير وشر فهو بقضاء الله وقدره وأنه الفعال لما يريد، لا يكون في ملكه شيء إلا بإرادته، ولا يخرج عن مشيئته، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر، ولا يتجاوز ما خط في اللوح المحفوظ، وأنه خالق أفعال العباد من الطاعات والمعاصي (١).

تعريف أخر: هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابته سبحانه لذلك ومشيئته له، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها (٢).

وكل هذه التعاريف متقاربة وتشتمل على مراتب القدر الأربعة: العلم والكتابة والمشيئة والخلق.

[الفرق بين القضاء والقدر]

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: " القدر في اللغة؛ بمعنى: التقدير؛ قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩]، وقال تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)} [المرسلات: ٢٣]. - وأما القضاء؛ فهو في اللغة: الحكم.

ولهذا نقول: إن القضاء والقدر متباينان إن اجتمعا، ومترادفان إن تفرقا؛ على حد قول العلماء: هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا، وإن افترقتا اجتمعتا.

فإذا قيل: هذا قدر الله؛ فهو شامل للقضاء، أما إذا ذكرا جميعًا؛ فلكل واحد منهما معنى.

- فالتقدير: هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه.

- وأما القضاء؛ فهو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وعلى هذا يكون التقدير سابقًا" (٣).


(١) عبد العزيز السلمان، الكواشف الجلية عن معاني الواسطية، ص ٨٤، الطبعة التاسعة عشرة.
(٢) عبد الرحمن المحمود، القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه، ص ٣٩، الطبعة الثانية، دار الوطن، الرياض، ١٤١٨ هـ.
(٣) شرح العقيدة الواسطية: ٢/ ١٨٩. وانظر: فتح الباري: ١١/ ١٤٩، ٤٧٧، والقضاء والقدر للأشقر: ٢٤، والقضاء والقدر للمحمود: ٤٤.

<<  <   >  >>