للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: مذاهب الناس في القدر]

[المبحث الأول: سبب الخلاف في القدر]

(الخلاف في القدر يدور حول أمرين:

أحدهما: ما يتعلق بالله تعالى، وذلك في مراتب القدر الأربع: العلم، والكتابة، والمشية، والخلق التي يثبتها أهل السنة والجماعة لله تعالى.

الثاني: ما يتعلق بالعبد، هل له إرادة ومشية أم لا، وهل له قدرة أم لا؟ وهل هو فاعل لفعله حقيقة أم لا؟ ) (١).

وسبب ضلال الفرق، هو عدولهم عن الصراط المستقيم، الذي أمرنا الله باتباعه، فقال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: ١٥٣]، والخوض في فعل الرب، قال شيخ الإسلام:

وأصل ضلال الخلق في كل فرقة هو الخوض في فعل الإله بعلة (٢)

(فالقدرية النفاة الذين نفوا القدر قالوا: إن الله لا يريد الكفر والذنوب والمعاصي ولا يحبها ولا يرضاها، فكيف نقول إنه خلق أفعال العباد، وفيها الكفر والذنوب والمعاصي.

والقدرية المجبرة آمنوا بأن الله خالق كل شيء، وزعموا أن كل شيء خلقه وأوجده فقد أحبه ورضيه.

وأهل السنة والجماعة أبصروا الحقيقة كلها، فآمنوا بالحق الذي عند كل واحد من الفريقين، ونفوا الباطل الذي تلبس به كل واحد منهما.

فهم يقولون: إن الله وإن كان يريد المعاصي قدراً، فهو لا يحبها، ولا يرضاها، ولا يأمر بها بل يبغضها، وينهى عنها) (٣).


(١) عبد الرحمن المحمود، القضاء والقدر، ص ٣٠١.
(٢) الدرة البهية شرح القصية التائية في حل المشكلة القدرية لشيخ الإسلام، تأليف عبد الرحمن بن سعدي، ص ٢٥، مكتبة المعارف، الرياض، ١٤٠٦ هـ.
(٣) عمر الأشقر، القضاء والقدر، ص ١٠٣، الطبعة الثالثة، دار النفائس، الأردن، ١٤١٥ هـ.

<<  <   >  >>