فإن الإيمان أمره عظيم، إذ هو الأساس الذي تبنى عليه السعادة في الدنيا والآخرة، فهو من أعظم مراتب الدين، فإن جبريل لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حضرة الصحابة، سأله عن الإيمان فقال: فأخبرني عن الإيمان، قال:«الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن تؤمن بالقدر خيره وشره» ... ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في أخر الحديث:«هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»(١).
ففسر الإيمان على أنه الإيمان بهذه الأركان الستة. وركن الشيء: جانبه الذي يقوم عليه، فركن البيت، هو جانبه الذي يقوم عليه، فالإيمان يقوم على هذه الأركان الستة، فإذا سقط منها ركن لم يكن الإنسان مؤمناً به لأنه فقد ركناً من أركان الإيمان.
ولذلك كان لزاماً على كل مسلم أن يتعلم حقائق الدين ليتعرف على الطريقة الصحيحة لعبادة الله عز وجل القائل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦].
وتأتي أهمية هذا البحث لأنه دعوة للإيمان بالله تعالى وبقضائه وقدره، لأن الإيمان بقضاء الله وقدره، إيمان بالله تعالى وربوبيته، وملكه وتصرفه وخلقه، وإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن، وإيمان بسعة علم الله، وإحاطته بكل شيء، وتقديره للأشياء في الأزل وكتابته لها.
ومن أجل توضيح عقيدة أهل السنة والجماعة في قضية الإيمان بالقضاء والقدر جاء هذا البحث المختصر؛ حتى يعبد المسلمُ اللهَ على بصيرة وعلم، وحتى يتحقق له ثمرة هذا الإيمان في الدنيا والآخرة.
(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات القدر، ص (١/ ١٥٥ - شرح النووي)، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٧ هـ.