للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي يؤمن بالقدر يعلم أنه لن يموت إلا إذا جاء أجله، ولا يناله إلا ما كتب له، فيقدم غير هياب ولا مبال بما يناله من الأذى والمصائب في سبيل الله، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} [آل عمران: ١٤٥]، وكما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

أي يوم الموت أفر يوم لا يقدر أو يوم قدر

يوم ما قدر لا أرهبه وإذا قدر لا ينجي الحذر (١)

(فإذا تربى المؤمن على الجرأة أمام الموت فقد أصبح جريئاً أمام كل شيء. أمام فقد مال أو ولد أو جاه، أو أمام مرض أو أي مصاب آخر، ما دام يؤمن بأنه مقدر من الله) (٢).

٢٧ - من ثمرات الإيمان بالقدر: الدعوة إلى الله:

لقد كان الفهم الصحيح للإيمان بالقدر عند السلف الصالح حافز لهم لنشر الدعوة إلى الله، حيث جعلهم يجتهدون في نشر الإسلام في جميع بقاع الأرض وأن يتحملوا الأذى في ذلك، ويصبروا عليه، لعلمهم أن ما أصابهم فإنما هو بقضاء الله وقدره.

فنجد أن الإسلام قد امتد من المحيط غرباً إلى الهند شرقاً في فترة من الزمن لا تتجاوز نصف قرن! ! وهي سرعة لا مثيل لها في التاريخ! وانتشر مع الإسلام سلطان الدولة الإسلامية بما أرهب أعداء الله، وانتشر معه كذلك اللسان العربي بسرعة تفوق الوصف في انتشار اللغات.

٢٨ - من ثمرات الإيمان بالقدر: التفاؤل وقطع دابر التشاؤم:

وهو تعليل المصائب بعلل أو أسباب غير صحيحة، كالتشاؤم من صوت البوم، أو من المرض أو من الزمان وحوادثه أو من الريح، فالمؤمن بالقضاء والقدر يعلم أن كل شيء بتقدير الله وقضائه، وأن ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [يس: ١٨ - ١٩] (٣).


(١) ديوان الإمام علي ص ٧٩ - ٨٠ نقلا من القضاء والقدر للحمد ص ٢٥.
(٢) أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع، ص ١٠٢.
(٣) المرجع السابق: ص ١٠٢.

<<  <   >  >>