وتوفي بدير سمعان من أعمال حمص مما يلي بلاد قنسرين. وقبره مشهور في هذا الموضع إلى هذه الغاية معظّم يغشاه كثير من الناس من الحاضرة والبادية، لم يعرض لنبشه فيما سلف من الزمان.
- وكانت صحة القبر في حمص مشكوكاً فيها في أيام صلاح الدين الأيوبي، ولما مر بحلب سنة ٥٨٤هـ، وتوجه منها قاصداً معرة النعمان اجتاز بحمص، ولم يقم بها، مما يدل على أن القبر المنسوب إلى الخليفة الأموي كان مشكوكاً فيه تلك الأيام.
- ثمة ديارات عديدة تحمل اسم سمعان اشتهر معظمها في جوار حلب وانطاكية ودمشق وحمص والمعرة، ولذلك لم يوفق المؤرخون في تحديد قبر عمر في أحدها.
- يستدل من وصف أبي الفرج أن دفن عمر بن عبد العزيز كان على جبل قاسيون. قال ابن طولون أثناء كلامه على المدرستين المعظمية والعزيزية، وكان بناء الأولى سنة ٦٢١هـ والثانية سنة ٦٣٥هـ قال: شمالي هاتين المدرستين حوش عظيم بحيطان عالية يقال إنه دير سمعان كان. وله باب يفتح إلى الشرق وداخله عدة قبور معظمة.
[دير سمعان]
[بدمشق]
هو بنواحي دمشق، بالقرب من الغوطة، على قطعة من الجبل، يطل عليها، وحوله بساتين وأنهار، وموضعه حسن جداً، وهو من كبار الديرة، وعنده دفن عمر بن عبد العزيز، بظاهره.
قال راثيه:
قد قلت إذ ضمنوك الترب وانصرفوا ... لا يبعدن قوام العدل والدين
قد غيبوا في ضريح القبر منجدلاً ... بدير سمعان قسطاس الموازين
من لم يكن همه عيناً يفجرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
وقد ذكر أبو الفرج أن صاحب دير سمعان دخل على عمر بن عبد العزيز بفاكهة يطرفه بها في مرضه، فقبلها منه، وأمر له بدراهم، فأبى أن يأخذها، فما زال حتى أخذها، وقال: يا أمير المؤمنين! إنما هي من ثمر شجرنا، فقال عمر) رحمه الله (وإن كان من ثمر شجركم! ثم قال: يا صاحب دير سمعان! إني ميت من مرضي هذا، فحزن وبكى. ثم قال له عمر: بعني موضع قبري من أرضك، سنةً، فإذا جاء الحول، فانتفع به.
[دير السوسي]
دير السوسي بنواحي سر من رأى بالجانب الشرقي.
قال البلاذري: هو دير مريم بناه رجل من أهل السوسي وسكنه هو ورهبان معه فسمي به، وهو بنواحي سر من رأى بالجانب الغربي.
ذكره ابن المعتز في شعره، فقال:
عللاني بصوت ناي وعود ... واسقياني دم ابنة العنقودِ
أشرب الراح وهي تشرب عقلي ... وعلى ذاك كان قتل الوليدِ
رب سكر جعلت موعده الصب ... ح وساق حثثته بمزيدِ
يا ليالي بالمطيرة والكر ... خ ودير السوسي بالله عودي
كنت عندي أنموذجات من الج ... نّة لكنها بغير خلودِ
قال أحمد بن أبي طاهر: قصدت بسر من رأى رائداً بعض كبارها بشعر مدحته به، فقبلني وأجزل صلتي، ووهب لي غلاماً رومياً حسن الوجه، فسرت أريد بغداد، فلما سرت نحو فرسخ، أخذتنا السحاب، فعدلت إلى دير السوسي لنقيم فيه إلى أن يخف المطر، فاشتد القطر وجاء الليل، فقال الراهب الذي هو فيه: أنت العشية بائت هنا، وعندي شراب جيد، فتبيت تقصف ثم تبكر. فبت عنده، فأخرج لي شراباً جيداً، ما رأيت أصفى منه ولا أعطر، وبات الغلام يسقيني، والراهب نديمي، حتى مت سكراً، فلما أصبحت رحلت وقلت:
سقى سر من رأى وسكانها ... ودير لسوسيها الراهبِ
فقد بت في ديره ليلة ... وبدر على غصن صاحبي
غزال سقاني حتى الصبا ... ح صفراء كالذهب الذائبِ
سقاني المدامة مستيقظاً ... ونمت ونام إلى جانبي
وكانت هناة لي الويل من ... جناها الذي خطه كاتبي!
[دير صليبا]
دير صليبا: يقع بنواحي دمشق مقابل باب الفراديس، ويعرف بدير خالد أيضاً، لأن خالد بن الوليد لما نزل محاصراً لدمشق كان نزوله به.
- قال الخالدي إنه يلي باب الفراديس، والدليل قول جرير:
فقلت للركب إذ جدّ النجاء بهم ... يا بعد يبرين من باب الفراديس!
وأنشد فيه قول الآخر، وهو:
يا دير باب الفراديس المهيج لي ... بلالاًَ بقلاليه وأشجاره
لو عشت تسعين عاماً فيك مصطحباً ... لما قضى منك قلبي بعض أوطاره
- يعرف هذا الدير أيضاً بدير السائمة.
- قال ابن عساكر: إن دير خالد كان خارج الباب الشرقي مما يلي بيت الآبار فخرب.