للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سفيان هذا: هو ابن الأبرد الكلبي، وكان من فرسان الحجاج.

[دير حزقيال]

دير حِزقيال قال أبو الفرج: حدثني جعفر بن قدامة قال: قال شريح الخزاعي قال: اجتزت بدير حِزقيال، فبينما أنا أدور به، إذا بكتابة على إسطوانة فقرأتها، فإذا هي:

ربَّ ليلٍ أمدّ نَفَس العا ... شق طولاً قطعتُه بانتحابِ

ونعيمٍ كوصل من كنت أهوا ... تبدّلته ببؤس العِتابِ

نسبوني إلى الجنون ليُخفوا ... ما بقلبي من صَبْوة واكتئابِ

ليت بي ما ادّعوه من فقد عقلي ... فهو خيرٌ من طول هذا العذابِ

وتحته مكتوب " هويتُ فمنعتُ، وطردتُ وشرِّدت، وفُرِّق بيني وبين الوطن، وحُجبتُ عن الإِلف والسَّكَن، وحُبِستُ في هذا الدَّير ظلماً وعدواناً، وصُفِّدت في الحديد أزماناً:

وإني على ما نابني وأصابني ... لذو مرة باق على الحَدَثان

فإن تُعقبِ الأيامُ أظفرْ ببغيتي ... وإن أبقَ مَرميّاً بي الرَّجوانِ

فكم ميّتٍ همّاً بغيظٍ وحسرةٍ ... صبورٌ لما يأتي به المَلَوانِ

قال: فكتبت ما وجدت، وسألت عن صاحبه، فقالوا: رجل هوى ابنة عمٍّ له، فحبسه عمّه في هذا الدير، خوفاً أن يفتضح في ابنته، فتجمع أهله، فجاءوا، فأخرجوه، وزوجوه بها كرهاً.

[دير حنة - الأكيراح]

دير حنة: بالاكيراح، بناحية البليخ.

وقد ذكر دير حنة أبو الفرج الأصفهاني وقال: ذكره أبو نواس في شعره، يعني في قوله:

يا دير حنَّة من ذات الاكيراحِ ... من يصحُ عنك فإني لستُ بالصاحي

يعتادُه كل مجفوٍّ مفارقه ... من الدِّهان عليه سَحْق أمساحِ

في فِتيةٍ لم يَدَعْ منهم تخوّفهمْ ... وقوعَ ما حذِروهُ غيرَ أشباحِ

لا يَدلُفون إلى ماء بآنيةٍ ... إلا إغترافاً من الغُدْران بالراحِ

قال: والاكيراح: بلد نزِه كثير البساتين والرياض والمياه.

قال: وبالحيرة أيضاً موضع يقال له الاكيراح فيه دير. والاكيراح قباب صغار يسكنها الرهبان. يقال للواحد منها: الكيرح.

وقد ذكر بكر بن خارجة هذا الدير أيضاً. فقال:

دع البساتين من آسٍ وتفّاحِ ... واقصد إلى الروض من ذاتَ الاكيراحِ

إلى الدساكر، فالدير المقابلها ... لدى الاكيراح من دير ابن وضاحِ

منازلاً لم أزلْ حيناً ألازمُها ... لزومَ غادٍ إلى اللذات روّاحِ

وبالحِيرة أيضاً موضع يقال له الاكيراح، وفيه دير بناه عبد بن حنيف من بني لحيان، الذين كانوا مع لخم، وملك الحيرة منهم ملكان، وأظنه الذي عناه بكر بن خارجة، لأنه كوفي في الشعر المتقدم إنشاده.

وفي هذه الاكيراح، يقول علي بن محمد العلوي، الحماني:

كم وقفةٍ لك بالخَوَر ... نق ما تُوازي بالمواقفْ

بين الغَدير إلى السدير ... إلى ديارات الأساقفْ

فمواقف الرّهبان في ... أطمارِ خائفةٍ وخائفْ

دِمَنٌ كأن رياضَها ... يُكسَين أعلامَ المطارفْ

وكأنما غُدرانُها ... فيها عُشُورٌ في المصاحفْ

تلقى أوائلها أوا ... خرها بألوان الرفارفْ

بحرية شتواتها ... بريّة فيها المصايف

درّية الحصباء كا ... فوريّة منها المشارف

باتت سواريها تمخض ... في رواعدها القواصف

وكأنَّ لمع بروقها ... في الجو أسياف المثاقف

ثم انبرت سحاً كبا ... كيةٍ بأربعةٍ ذَوارف

فكأنما أنوارُها ... تهتَزُ في الدرج العواصف

طُرَرُ الوصائف يلتفتن ... بها إلى طُرَر الوصائفْ

دافعتها عن دجنها ... بالقلّب البيض، الغطارفْ

يعبق يوم اليأ ... س شراً بين في يوم المتارفْ

سمح بحرّ المال وقّا ... فون في يوم المتالفْ

واهاً لأيام الشبا ... ب وما لبسن من الزخارفْ

وزوالهن بما عرفت ... من المناكر والمعارفْ

أيام ذكرك في دوا ... وين الصبا صَدر الصحائفْ

واهاً لأيامي وأيَّا ... م النقياتِ المراشفْ

والغارسات ألبان قُض ... باناً على كُثُبِ الرّوادفْ

والجاعلاتِ البدرَ ما ... بين الحواجبِ والسوالفْ

أيامَ يُظهرنَ الخلا ... ف بغير نيّات المخالفْ

<<  <   >  >>