للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما يدفع شعبًا إلى الإيمان, قد يدفع الآخر إلى الكفر والفسوق والعصيان!

بل إن النبات ليأخذ بالاختيار, فيتخير من عناصر التربة ما يصلح له؛ فما يختاره النخيل, قد لا يختاره شجر البرتقال, وهكذا..

فهل يؤتى النبات فطرة الاختيار, ويفقد الإنسان الذي أوتي الإرادة قدرة الاختيار؟؟

ثم إن الأصالة ترفض ذلك النقل؛ فالشعوب الأصيلة تستمسك بما لديها من تراث, باعتباره أحد عناصر استقلالها, بل أهم عناصره, وهي -حتى تحت الهزيمة- قد تستمسك به, ولدينا مَثَلٌ من الأمة الإسلامية الأولى حين غلبت على أمرها أمام زحف التتار, رفضت أن تأخذ بالياسق الذي وضعه الغالبون جزءًا من شريعة جنكيزخان, وجزءًا من شريعة الإسلام, وأجزاء من شرائع أخرى.

ومَثَلٌ من الأمة الألمانية, والأمة اليابانية, لم يفقدا برغم الهزيمة المرة العناصر المميزة لشعوبهما, ولم يذهبا إلى نقل كل وارد من غير تمحيص, وها هي الأمتان تعودان أقوى مما كانتا, تعودان لتقرضا أغنى دول العالم، ولتنشرا على مستوى العالم كله منتجاتهما!!

والإسلام بعد ذلك يرفض ذلك النقل الأعمى؛ لأنه هو الأعلى, والأعلى لا يمد اليد لما هو أدنى.

لأنه الطيب؛ والطيب لا يستبدل به الخبيث؛ لأن عنده ما ينفع الناس, ولا يستبدل بما ينفع الناس الزبد أو الغثاء.

<<  <   >  >>