والرياضيات بصفة خاصة، ومن ناحية ثانية، تعني الأمية: وصفا جاء التشريع على وفقه، بأن ورد التكليف بما عهد عند العرب في لغتهم وأساليب تخاطبهم وما كان معروفًا عندهم؛ فلم يخاطبهم التشريع بما لا يعرفونه أو لا يفهمون معناه سواء من جهة اللفظ ودلالته وأسلوبه، أو من جهة أدوات الفهم التي تكون فوق طاقتهم العلمية والإدراكية، كأن يشترط العلم بدقائق العلوم وجزئياتها النظرية والتطبيقية في علم الحياة والكون والنفس والتاريخ وغير ذلك. والمقصد من كل ذلك هو تمكين العرب زمن الرسالة، وسائر جمهور الناس في مختلف الأزمان والبقاع من فهم التكليف والقدرة على تطبيقه والقيام به. ومن ثم تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمي تعقلا، ليسعه الدخول تحت حكمها. أي أن المكلف الأمي وغيره يكون بوسعه فهم التكليف واستيعابه وتعقله وتمثله، ويكون بوسعه الإتيان بذلك التكليف والقدرة على تطبيقه؛ سواء أكان ذلك التكليف متعلقًا بمجال العقدية والإيمان والتصور والتصديق، أم كان متعلقًا بمجال العبادات والمعاملات والأنكحة والجنايات وسائر ما تتعلق به الأحكام ومطالب الشارع، وأمرًا ونهيًا، إعمالًا وإهمالًا.
والحق أن جعل المكلف الأمي وغيره قادرًا على فهم التكليف وتطبيقه، هو مقصود الشارع من وضع الشريعة والتكليف بها؛ إذ لو لم يكن الأمر كذلك لكن ذلك التكليف خارجًا عن طاقة المكلف، وإلزامًا بما لا يقدر عليه ولا يستطيع تطبيقه، وهذا كله محال