نشأت المقاصد الشرعية مع نشأة الأحكام الشرعية نفسها، أي أن المقاصد كانت بدايتها مع بداية نزول الوحي الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانت مبثوثة في نصوص الكتاب والسنة، ومتضمنة في أحكامها وتعاليمها بتفاوت من حيث التصريح بها، أو الإيماء والإشارة إليها؛ غير أن تلك المقاصد لم تكن لتحظى بالإبراز والإظهار على مستوى التأليف والتدوين، وعلى مستوى جعلها علمًا لقبيًّا واصطلاحًا له دلالاته وحقائقه ومناهجه؛ بل كانت معلومات ومقررات شرعية مركوزة في الأذهان، ويستحضرها السلف في إفهامهم واجتهادهم وأقضيتهم.
ومن أجلى وأوضح الأدلة على أن المقاصد الشرعية بدأت مع نزل الوحي الكريم.
١- البعثة النبوية نفسها التي عُللت بكونها رحمة وخيرًا وصلاحًا للناس أجمعين، فقد قال الله تعالى في شأن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ١.
٢- القرآن الكريم ذاته، والذي كان مقصده الشرعي الأكبر يتمثل في هداية الناس أجمعين لأقوم المناهج، وأفضل أحوال المعاش والمعادن وأحسن