إن العامل بمقتضى الامتثال من نتائج عمله الالتذاذ بما هو فيه، والنعيم بما يجتبيه من ثمرات الفهوم، وانفتاح مغاليق العلوم وربما أكرم ببعض الكرامات أو وضع له القبول في الأرض، فانحاش الناس إليه، وحلقوا عليه، وانتفعوا بهن وأمُّوه لأغراضهم المتعلقة بدنياهم وأخراهم، إلى غير ذلك مما يدخل على السالكين طرق الأعمال الصالحة، ومن الصلاة والصوم، وطلب العلم، والخلوة للعبادة، وسائر الملازمين لطرق الخير. فذا دخل عليه ذلك كان للنفس به بهجة وأُنْس، وغنى ولذة ونعيم، بحيث تصغر الدنيا وما فيها إلى لحظة من ذلك.
كما قال بعضهم:"لو علم الملوك ما نحن عليه لقاتلونا عليه بالسيوف" أو كما قال.
وإذا كان كذلك فلعل النفس تنزع إلى مقدمات تلك النتائج فتكون سابقة للأعمال. وهو باب السقوط عن تلك الرتبة -والعياذ بالله- هذا، وإن كان الهوى في المحمود ليس بمذموم على الجملة؛ فقد يصير إلى المذموم على الإطلاق، ودليل هذا المعنى مأخوذ من استقراء أحوال السالكين وأخبار الفضلاء والصالحين، فلا حاجة إلى تقريره هنا.
وعلل النفس تشتد رغبتها في القيام بالصلاة والصيام والخلوة للعبادة ليزداد أنسها وبهجتها، لذتها وتقييمها وإكرامها بالكرامات وزيادة القبول في الأرض، وكل هذا هوى خالط المحمود من العمل؛ لكنه قد يسبق إلى النفس فيخسر صاحبه مرتبته، فالأحوط من كل ذلك أن يتبع العامل أحكام الشرع، وقصد الشارع، وأن ينقح فعله وامتثاله من كل هوى نفسي، وإن