للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله في الزكاة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ١.

وقوله في جماع الزوجة في الحيض: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا} ٢ وغير ذلك كثير.

فتعليل بعض الأحكام التعبدية ببعض المنافع والفوائد الدنيوية مقرر ومعلوم وثابت؛ غير أنه ليس المقصود الأول، ولا المطلوب الأصلي؛ وإنما هو يأتي في المرتبة الثانية بعد مرتبة التعبد والطاعة والامتثال؛ إذ المقصد الأصلي من العبادات هو الخضوع والانقياد، والمقصد التبعي هو نيل بعض الحظوظ والمنافع العاجلة؛ ولكن يشترط في المقصد التبعي، أو قصد الحظوظ والمنافع أن لا يكون المقصدَ الأول والمراد الأصلي؛ بل لا بد أن يكون المقصد الأصلي في الأول والأخير: عبادة الله والخضوع إليه، وطلب عفوه ومرضاته وجناته.

فالقول بكون أصل العبادات التعبد والتوقيف، وعدم الالتفات إلى المعاني، لا يعني -كما ذكرنا- خلو تلك العبادات من الفوائد والمعاني والحكم، ولا يعني كذلك إجراء الأقيسة على تلك العبادات، المقدرة، وإيجاد عبادات أخرى، أو إحداث الزيادة أو التنقيص في تلك العبادات؛ فقد يقول البعض: إذا كان القصد من العبادة هو التقرب من الله؛ فلماذا لا نكلف الإنسان بعبادات أخرى حتى يكون قربه من الله أكبر وأعمق؟

وقد يقول البعض: إذا كان الأذان مشروعًا للإعلام والنداء والتجميع،


١ سورة التوبة، آية ١٠٣.
٢ سورة البقرة، آية ٢٢٢.

<<  <   >  >>