وشرطًا من شروط فهمها وتعقلها وتطبيقها والاجتهاد في ضوئها؛ بل إن المقاصد يتزايد الاهتمام بها يوميًا، بعد يوم بحثًا وتأليفًا؛ تحقيقًا وتعليقًا، تنظيرًا وتدوينًا؛ الأمر الذي أدى بكثير من الباحثين والدراسين إلى الدعوة إلى تأسيس نظرية متكامة في علم المقاصد يرتكز موضوعه على بحث المصالح الشرعية من حيث تعريفها وأمثلتها وحجيتها وحقيقتها، ومن العقل، وغير ذلك مما يتعلق به موضوع هذا الفن الجديد.
مثال ذلك:
البيع مشروع لمصلحة الانتفاع بالعوضين وهذه المصلحة ضرورية؛ لأن الحياة تقوم عليها؛ لذلك حُرم الاحتكار؛ لأن الاحتكار يعطل أقوات الناس وأطعمتهم، ثم إن هذه المصلحة عامة تتعلق بكل إنسان، أما الاحتكار فهو مصلحة حاصلة تنفع المحتكر فقط على حساب الناس؛ فيكون الاحتكار ممنوعًا لكونه مصلحة خاصة، ويكون البيع مباحًا وتوفير البضاعة واجبًا؛ لكونه مصلحة عامةن والقاعدة تقول "بأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة".
ومصلحة البيع مصلحة حقيقية؛ لأن نفعه عائد على جميع الناس بتراض وعدل، بخلاف الربا الذي وإنْ كانت فيه مصلحة؛ فهي مصلحة فردية تعود على المُرَابي فقط على حساب أغلبية المستضعفين والمغلوبين، ثم إن مصلحة الربا في نظر الشارع مصلحة وهمية خيالية مغلوبة، ومرجوحة باطلة مردودة؛ وذلك لِمَا تؤول إليه من الغُبْن وبخس الناس أشياءهم، وأكل أموالهم، وتعميق الفوارق بينهم، وخدش الوحدة والمودة