والمرض والمطر ويمكنه تقرير أمر جامع لتلك الأحكام وغيرها، وهذا الأمر هو التخفيف عن المكلّف ورفع الحرج عنه، ومن تتبع أحكام البيع "كمَنْع بيع السمك في الماء" والطير في الهواء، والعبد الآبق، والجمل الشارد، وما في بطون الأمهات، وما في أعماق البحار وبطون الأرض من كنوز ومعادن؛ فإن الناظر في تلك الأحكام، يتوصل إلى تقرير أمر كلي يتعلق بمنع بيع المعدوم والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وعلة ذلك وحكمته إبطال الغرر والضرر والجهالة المفضية إلى أموال الناس بالباطل، والمؤدية إلى حصول التنازع والخصومة.
٥- الدليل من العقل والواقع:
شواهد العقل والحَسْن والواقع تدل على أن الأحكام مشروعة لمصالح الناس؛ إذ بقاء الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، مطبقة في كافة الأمصار؛ دليل على انطوائها على مقاصدها وعلى مصالح الناس؛ إذ لو لم تكن كذلك لتركها الناس وجفوها؛ بل يلاحظ على سبيل القطع أنها مستجيبة لفطرهم السليمة وعقولهم السَّويَّة، وحاجياتهم المعقولة.