وعلى الثاني: يكون المعنى: أنه رأى بعض الآيات الكبرى، وهذا هو الصحيح، أن الكبرى صفة ل " آيات "، وليست مفعولا ل " رأى " ; إذ إن ما رآه ليس أكبر آيات الله. وبعد أن ذكر الله ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات; قال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} ١ أي: أخبروني ما شأنها، وما حالها بالنسبة إلى هذه الآيات العظيمة، إنها ليست بشيء. والاستفهام: للاستخفاف والاستهجان بهذه الأصنام. قوله: " اللات ": تقرأ بتشديد التاء وتخفيفها، والتشديد قراءة ابن عباس; فعلى قراءة التشديد تكون اسم فاعل من اللّتِّ، وكان هذا الصنم أصله رجل يلت السويق للحجاج; أي: يجعل فيه السمن، ويطعمه الحجاج، فلما مات عكفوا على قبره وجعلوه صنما. وأما على قراءة التخفيف; فإن اللات مشتقة من الله، أو من الإله; فهم اشتقوا من أسماء الله اسما لهذا الصنم، وسموه اللات، وهي لأهل الطائف ومن حولهم من العرب. وقوله: " والعزى ": مؤنث أعز، وهو صنم يعبده قريش وبنو كنانة مشتق من اسم الله العزيز، كان بنخلة بين مكة والطائف. قوله: " ومناة ": قيل: مشتقة من المنان، وقيل: من منى; لكثرة ما يمنى عنده من الدماء بمعنى يراق، ومنه سميت منى; لكثرة ما يراق فيها من الدماء. وكان هذا الصنم بين مكة والمدينة لهذيل وخزاعة، وكان الأوس والخزرج يعظمونها ويهلون منها للحج.