للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ١.


لأوهم أنهم جماعة آخرون وهم جماعة واحدة; فعلى هذه القراءة يكون "عبد" فعلا ماضيا، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على "مَن" في قوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} ٢ و"الطاغوت" بفتح التاء مفعولا به. وبهذا نعرف اختلاف الفاعل في صلة الموصول وما عطف عليه; لأن الفاعل في صلة الموصول هو "الله"، والفاعل في عبد يعود على "من".
وعلى كل حال; فالمراد بها عابَد الطاغوت. فالفرق بين القراءتين بالباء فقط; فعلى قراءة الفعل مفتوحة، وعلى قراءة الاسم مضمومة. والطاغوت على قراءة الفعل في "عبد" تكون مفتوحة "عبد الطاغوت"، وعلى قراءة الاسم تكون مكسورة بالإضافة "عبد الطاغوت". وذُكِرَ في تركيب "عبد" مع "الطاغوت" أربع وعشرون قراءة، ولكنها قراءات شاذة غير القراءتين السبعيتين "عَبَدَ" و"عَبُدَ".
الآية الثالثة: قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ٣ هذه الآية في سياق قصة أصحاب الكهف، وقصتهم عجيبة; كما قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً} ، وهم فتية آمنوا بالله وكانوا في بلاد شرك، فخرجوا منها إلى الله عزوجل فيسر الله لهم غارا، فدخلوا فيه، وناموا فيه نومة طويلة بلغت: {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} ٤ وهم نائمون لا يحتاجون إلى أكل وشرب، ومن حكمة الله أن الله يقلبهم ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>