للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في رواية بلفظ: "لا يعضد شوكها" فمحمول على ما يمكن المحرم تجنبه الا إذا الحت الضرورة إلي المرور عليه والوقوف فوقه فإن قطعه لدفع ضرره أولى من تركه مع حصول الضرر منه وقد أذن صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة أن يحلق رأسه لضرر ما فيه من القمل وقال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦] ، فالترخيص للمريض إنما هو لمجرد تضرره بالمرض وكذلك من به أذى من رأسه فإن ذلك إنما رخص فيه لما يحصل به من الضرر.

وأما قوله: "نبت بنفسه أو غرس ليبقى سنة" فلا وجه لهذا التقييد ولا ورد ما يدل عليه ولكن الأمر المستمر من أهل الحرمين في سالف الزمان وإلي الان انهم يزرعون الزرائع ويغرسون الغروس فلعل هذا الشيء ثبت لهم كأن يكون الأمر في عصر النبوة وعصر الصحابة هكذا فإنه إذا كان هكذا كان ذلك دليلا على الجواز.

قوله: "وفيهما القيمة".

أقول: أما قتل صيدالحرم فقد صرح القرأن الكريم بأن من قتله فعليه جزاء مثل ما قتل من النعم وقد تقدم تحقيق ذلك وأما القيمه في الصيد فلا دليل يدل على لزومها وهكذا لم يرد دليل يدل على وجوب الجزاء أو القيمة في قطع شجر الحرم {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم" ٦٤] ، والاصل براءة الذمة وعصمة أموال المسلمين حتى يرد الدليل الصحيح الناقل عن ذلك ولكنه ورد في قطع شجر حرم المدينة كما أخرجه مسلم وغيره من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص ان سعدا ركب إلي قصره بالعقيق فوجدا عبدا يقطع شجرا ويخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه ان يرد عليه أو عليهم ما اخذ من غلامهم فقال معاذ الله ان ارد شيئا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي ان يرد عليهم.

وأخرج أحمد وابو دأود من حديث سليمان بن أبي عبد الله قال رأيت سعد بن أبي وقاص اخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه اليه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال: "من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه"، فلا أرد عليك طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ان شئتم أعطيتكم ثمنه أعطيتكم وأخرجه الحاكم وصححه.

قوله: "الثاني طواف القدوم".

أقول: قد عرفناك ان النبي صلى الله عليه وسلم علم الناس مناسك حجهم الذي أمر به الله سبحانه في كتابه العزيز بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران: ٩٧] ، وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم"، فكل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو واجب بالقرآن وبالسنة وليست المناسك الا هذه المأخوذة من فعله ولم يعلم الناس بها إلا منه فما قيل انه لا بد أن يعرف أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو منسك فهو غلط أو مغالطة.

وإذا تقرر لك هذا فقد ثبت ثبوتا متواترا إن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجته الذي علم الناس كيف يحجبون طواف القدوم فدل ذلك على أنه منسك واجب لمن كان حجه مثل حجه صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>