حديث فاطمة بنت قيس الذي أخرجه أحمد والنسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة"، وفي لفظ آخر:"إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة فإذا لم تكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى"، وهذا نص في محل النزاع وفيه مقال كما تقدم قريبا مع أنه لا حاجة لمن نفي وجوب السكنى بالاستدلال على عدم الوجوب بل يكفيه ان يقف موقف المنع حتى يأتي الدليل الذي تقوم به الحجة وإلا كان التمسك بالبراءة الاصلية يكفيه.
ويؤيد عدم الوجوب ما أخرجه النسائي وأبو دأود عن ابن عباس في قوله:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة ٢٤٠] ، نسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله لها من الربع أو الثمن ونسخ اجل الحول ان جعل اجلها اربعة اشهر وعشرا وفي إسناد أبي دأود علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال خفيف ولكنه رواه النسائي من غير طريقه وقد دل على أنه ليس للمتوفى عنها الا الميراث لا نفقة ولا سكنى ولا وصية.
قوله:"ومتى التبست بمطلقة بائنا" الخ.
أقول: ووجهه ان المطقة البائنة قد أوجب الله سبحانه عليها العدة ثلاثة قروء والمتوفى عنها أوجب الله عليها العدة بأربعة اشهر وعشر فمع اللبس لا تخرج كل واحده منهما مما أوجبه الله عليها بيقين الا بالعدتين.
وأما ما ذكره من ان لهما بعد مضي اقصر العدتين نفقة الخ فالحق أنه لا نفقه للمتوفى عنها ولا للبائنة كما سيأتي بيانه في باب النفقات إن شاء الله.
قوله:"وأما عن فسخ من حينه فكالطلاق البائن".
أقول: العدد المبينة في الكتاب والسنة وهي للمطلقات والمتوفى عنهن وثبت في المختلعة انها تعتد بحيضة وقد قدمنا ان الخلع فسخ لا طلاق فالقول بأن عددالفسخ كعددالطلاق البائن يحتاج إلي دليل ولا دليل فوجب الرجوع إلي ما ثبت في نوع من أنواع الفسخ وهو الخلع مع ما يؤيد ذلك من كون المسبية تستبرئ بحيضة كما تقدم النص على ذلك في الحائض وان الحامل تستبرئ بوضع الحمل فينبغي ان تكون عدة الفسخ حيضة إن كانت حائضا أو وضع الحمل إن كانت حاملا لأن براءة الرحم تتحقق بذلك ولم يرد ما يدل على زيادة ذلك والبراءة الاصلية تقتضي عدم ايجاب العدة عليها لان التعبد بغير دليل من التقول على الله بما لم يقل.
وهكذا لا يجب للمفسوخة نفقة ولا سكنى لعدم الدليل على ذلك بل لورود النص بان النفقة والسكنى إنا هي للمطلقة رجعيا كما قدمنا لكن ها هنا إشكال وهو ما أخرجه أحمد والدراقطني ورجاله رجال الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة فاختارت نفسها وامرها ان تعتد عدة الحرة.
وأخرج ابن ماجه بإسناد رجاله ثقات عن عائشة قالت امرت بريرة ان تعتد بثلاث حيض.