ويمكن ان يجمع بين الاحاديث بان ما ورد فيه النص كالخلع وفسخ الامة إذا عتقت يوقف على محله ويبقى ما عدا ذلك من الفسوخات على البراءة الاصلية ولا يجب الا ما يحصل به براءة الرحم وهي الحيضة في الحائض وإن كانت حاملا فوضع الحمل لما ورد في الاستبراء وأما دعوى المصنف الاجماع فمن اغرب ما يقرع الاسماع.
[فصل
وهي من حين العلم للعاقلة الحائل ومن الوقوع لغيرها وتجب في جميعها النفقة غالبا واعتدادالحرة حيث وجبت ولو في سفر بريد فصاعدا ولا تبيت الا في منزلها الا لعذر فيهما وعلى المكلفة المسلمة الاحداد في غير الرجعى وتجب النية فيهما لا الاستئناف لو تركت أو الاحداد وما ولد قبل الاقرار بانقضائها لحق ان امكن منه حلالا في الرجعى مطلقا وفي البائن لاربع فدون وكذا بعده بدون ستة اشهر لابها أو بأكثر الا حملا ممكنا من المعتدة بالشهور للياس] .
قوله: فصل: "وهي من حين العلم للعاقلة الحائل ومن الوقوع لغيرها".
أقول: هذه التفرقة لا يدري ما اصلها ولا ما مقتضيها وما استدلو به من ان الله سبحانه ذكر التربص في عدة ذوات الاقراء فقال: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] ، وان ذلك يدل على انها لا بد ان تكون قاصدة للدخول في العدة فتسليم ذلك غايته ان تقصد عندالعلم ولا ينافي ذلك الاعتداد بما قد مضى قبل العلم ومع هذا كان يلزم ان تكون عدة الوفاة من وقت العلم لان الله سبحانه قال فيها:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}[البقرة: ٢٣٤] ، فلم يبق وجه لهذا الفرق بل العدة للحامل والحائل العاقلة على سواء وأما الصغيرة والمجنونة فلا علم لها فالعدة فيهما لاحقة بالعدة للعقالة إن كانت من وقت الوقوع كانت لهما من وقت والوقوع وإن كانت من وقت العلم كانت لهما من الوقت الذي يحصل العلم فيه لوليهما.
والحاصل ان هذه التفرقة لا تنبنى على شرع مقبول ولا على رأي معقول ولم يرد في الكتاب والسنة ما يدل على انها لا تعتد الا من وقت العلم بل ظاهر اطلاقات الكتاب والسنة ان العدة من عند وقوع الموت أو الطلاق وإن تأخر العلم بهما لان هذه المدة التي مضت بعد الوقوع وقبل العلم هي مدة من المدة المتعقبة لموت الزوج أو طلاقه فمن زعم أنه لا يحتسب بها فعليه الدليل فإن عجز عنه فهي من جملة العدة ولس على المراة إحداد ولا غيره حتى تعلم لانها لا تكلف بلوازم العدة الا بعد علمها والا كان ذلك من تكليف الغافل وهو مجمع على عدم التكليف به.