هذا على تقدير أن هذا الحكم تكليفي اعني كون الموت والطلاق سببين للعدة فإن كانا وضعيين فالامر اظهر. والحاصل ان العدة من وقت الوقوع على كل حال ولكل معتدة ومن ادعى غير هذا فهي دعوى مجردة لا يعول على مثلها.
قوله:"ويجب في جميعها النفقة".
أقول: الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة ان النفقة لا تجب للمطلقة ثلاثا لما ثبت في الصحيح من حديث فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المطلقة ثلاثا: "ليس لها نفقة ولا سكنى".
وثبت في صحيح مسلم "٤١/١٤٨٠"، وغيره أحمد "٦/٤١٤، ٤١٥، أبو داود "٢٢٩٠"، النسائي"٣٥٥٢"، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "لا نفقة لك الا ان تكوني حاملا".
وهكذا لا نفقة ولا سكنى للمختلعة لما قدمنا من ان ذلك فسخ لا طلاق ولم يرد ما يدل على لزوم النفقة في الفسخ على أنه لو كان طلاق لكانت كالمثلثة بجامع عدم جواز المراجعة لهما.
وهكذا لا نفقة ولا سكنى للمتوفى عنها زوجها لعدم الدليل على ذلك وقد مات الزوج وانتقل حقها إلي تركته فليس لها الا الميراث وأما ما ورد من انها تعتد في منزلها الذي يلغها فيه موت زوجها فذلك تعبد لها لا لزوجها وقد قدمنا تحقيقه.
وأما المطلقة رجعيا فقد ورد الدليل الدال على وجوب النفقة والسكنى لها حسبما قدمنا وأما المطلقة عن خلوة فلا عذر لمن جعل الخلوة كالدخول من ان يجعلها كالمدخولة فيما يجب لها ويحرم عليها وقد قدمنا كلأما في الخلوة فليرجع اليه ولعله يأتي مزيد بحث في باب النفقات إن شاء الله.
وقد قررنا الكلام في هذه المباحث في شرحنا للمنتقى بما لا يبقى بعده حاجة إلي غيره بل افردنا هذه الابحاث برسالة مستقلة.
قوله: "واعتداد الحرة حيث وجبت".
أقول: قد قدمنا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل للمثلثة نفقة ولا سكنى وعلى تقدير أنه يجب عليها ان تعتد في المنزل الذي وقع الطلاق وهي فيه كما يدل عليه ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة أن عروة قال لها: ألم ترى إلي فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت؟ فقالت عائشة: بئسما صنعت فقال: ألم تسمعي إلي قول فاطمة بنت قيس - يعني أنه لم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجها نفقة ولا سكنى فقالت عائشة: أما إنه لا خير لها في ذلك, فذلك تكليف عليها لا على زوجها كما قلنا في المتوفى عنها جمعا ين الأدلة ويحمل تجويز الخروج لها على الخوف وعدم الامن.