أن يبيعها المالك وقت حصول زيادة السعر فكان في الغصب من هذه الحيثية تفويت لمنفعة للمالك متعلقة بالعين فيضمنها كما يضمن أرش النقص وصاحب اليد الظالمة الغاصب حقيق بالتشديد عليه لأنه اختار لنفسه التعدي ومخالفة ما يقتضيه الشرع ويوجبه العدل وهكذا الهزال يضمنه لأنه حصل النقص به والمغصوب في يده ولو كان بغير سبب منه إذ من الجائز أن تلك العين لو كانت باقية بيد مالكها لم تهزل.
[فصل
ويملك ما اشترى بها أو بثمنها نقدين ويتصدق بالربح وما استهلكه بخلطه أو إزالة اسمه ومعظم منافعه ويطيب له بعض المراضاة ويتصدق بما خشى فساده قبلها ويملك مشتريها الجاهل غلتها ويتصدق بما تعدى قيمة الرقبة وعليه الأجرة] .
قوله:"فصل: ويملك ما اشترى بها أو بثمنها نقدين ويتصدق بالربح".
أقول: العين المغصوبة باقية على ملك مالكها بالعصمة الشرعية ولا يخرج عن ملكه بالغصب المحرم بقطعيات الأدلة فالواجب على الغاصب إرجاعها سواء كانت عينا أو نقدا وأما الاعتلال بأن النقد لا يتعين فما أهون هذه المقالة في صدور علماء الشريعة العارفين بقواعدها فإن هذا ليس إلا مجرد رأي ليس عليه إثارة من علم فالواجب الشرعي على الغاصب أن يرد العين المغصوبة فإن تلفت أو تعذر استدراكها كما لو اختلف النقد بمثله من النقود فعلى الغاصب إرجاع قيمة العين موفرة وإرجاع مثل النقد من أعلى جنس من أجناسه ولا يطيب له ما شراه من عين أو بثمنها ولا يصير ملكا له ولم يأذن الشرع بذلك ولا سوغه وهكذا لا يطيب له الربح بل يجب عليه إرجاعله لمالكه كما قدمنا هكذا ينبغي أن يقال في مثل هذا البحث عملا لا تقتضيه القواعد الشرعية وللإمام أن يتصدق بما يخشى فساده من العين المغصوبة أو مما اشترى بثمنها أو من الربح عقوبة للغاصب والضمان عليه باق بحاله وعلى هذا يحمل ما أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني عن عاصم بن كليب أن رجلا من الأنصار أخبره قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعنا استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم أيديهم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه ثم قال: "أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها" فقالت المرأة: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل بها إلي بثمنها فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطعميه الأسارى"، وعاصم بن كليب المذكور في الإسناد قال علي بن المديني لا يحتج به إذا انفرد وقال الإمام أحمد لا بأس به وقال أبو