للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبمجموع ما ذكرناه يتضح لك أن الإقرار بالزنا مرة واحدة يوجب الحد من غير فرق بين الرجم والجلد وأما إيجاب تكرر الأيمان في اللعان أربعا فوجهه أنها قائمة مقام الشهادة ولهذا سماها الله سبحانه شهادة وليست من الإقرار في شيء.

قوله: "وشهادة أربعة عدول".

أقول: أما اشتراط أن يكونوا أربعة فهو نص القرآن الكريم ونص السنة المتواترة وعليه أجمع أهل الإسلام.

وأما قوله: "أو ذميين على ذمي" فوجهه أنا مأمورون إذا ترفعوا إلينا بإجراء حكم الله عزوجل بينهم ومن حكم الله قبول شهادة بعضهم على بعض وإقامة حد الله عليهم وقد أقامه صلى الله عليه وسلم على اليهودي واليهودية كما في القصة الثابتة في الصحيحين [البخاري ""٦٨٤١"، مسلم "٢٦/١٦٩٩"] ، وغيرهما [أبو داود " ٤٤٤٦"، الترمذي "١٤٣٦"] ، وفي رواية عند أبي داود "٤٤٥٢"، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالأربعة الشهود منهم فشهدوا فرجمهما.

وأما قوله: "ولو مفترقين" فوجهه أنه لم يرد ما يدل على اشتراط الاجتماع.

وأما قوله: "قد اتفقوا على إقراره أو على حقيقته" الخ فوجهه ظاهر وهو مجمع عليه.

قوله: "جلد المكلف المختار".

أقول: وجه اشتراط التكليف أن الصبي والمجنون لا يجري عليهما أحكام المكلفين كما تقدم تقريره ولهذا كرر صلى الله عليه وسلم الاستثبات في أمر ماعز وقال له: "أبك جنون؟ "، [البخاري "٦٨١٥، ٦٨٢٥"، مسلم "١٦/١٦٩١"] ، وسأل قومه عن عقله وفي رواية [مسلم "٢٢/١٦٩٥"، أبو داود "٤٤٣٣"] ، أن استنكهه هل يجد به رائحة للخمر فأفاد ذلك أنه لا بد من كمال العقل وأن نقصانه ولو بسبب لا يجوز كالسكر يكون شبهة يدرأ بها عنه الحد ولا فرق بين أن يكون فاعلا أو مفعولا كما تقدم في الأحاديث من إقامة الحد على الرجال والنساء وعلى الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط وإذا كان المفعول به صالحا للوطء وجب الحد على الفاعل به وإن كان الحد ساقطا عن المفعول به لصغره فإنه لا يلزم مثلا من سقوط الحد على الصغيرة التي تصلح للوطء أن لا يقام الحد على الزاني بها المكلف لأنه قد فعل بها ما يصدق عليه الزنا وإن لم يصدق ذلك عليها.

وأما قوله: "وإن تاب أو قدم عهده" فوجهه أن الحد بعد رفعه لا يسقط بالتوبة ولا يتقادم عهده لأنه قد وجب بسببه فلا يسقط بمسقط شرعي ولا مسقط هنا.

قوله: "الحر البكر مائة".

أقول: هذا هو الذي تطابقت عليه أدلة الكتاب والسنة ولم يختلف فيه المسلمون سابقهم ولا حقهم كما هو معلوم.

وأما قوله: "وينصف للعبد" فقد ورد التنصيف في القرآن الكريم للإماء قال الله عزوجل: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] ، وإلحاق العبيد بالإماء بعدم الفارق

<<  <   >  >>