بين النوعين ويؤيد كون حد المماليك خمسين ما أخرجه أحمد في المسند "١/٩٥"، عن علي قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمة سوداء زنت لأجلدها الحد قال فوجدتها في دمها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال لي: "إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين"، وأصل الحديث في صحيح مسلم بدون ذكر الخمسين وأخرج مالك في الموطأ عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنا وروى ابن وهب عن ابن جريح عن عمرو بن دينار أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تجلد وليدتها إذا زنت خمسين.
وأما ما روى عن ابن عباس أنه لا حد على مملوك حتى يتزوج تمسكا بقوله:{فَإِذَا أُحْصِنَّ}[النساء: ٢٥] ، فقد أجيب عنه بأن لفظ الإحصان محتمل للإسلام والبلوغ والتزوج ويرد عليه ما قدمنا من أمر السيد أن يجلد أمته وهو في الصحيحين وغيرهما وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا خطب فقال: يا أيها الناس أقيموا الحدود على أرقائكم من أحصن منهم ومن لم يحصن.
وأما قوله:"ويحصص للمكاتب" فقد تقدم الكلام عليه في بابه.
قوله:"الرجل قائما والمرأة قاعدة".
أقول: لم يثبت ما يدل على هذا وإن كان القيام أقرب إلى أن يقع الجلد على جميع البدن وهكذا قعود المرأة هو أستر لها وأبعد من انكشاف شيء منها وأما الحفر للمرجوم فسيأتي الكلام فيه وأما كونهما مستترين بين الرقيق والغليظ فالمقصود أن المجلود يكون لابسا للثياب التي جرت عادة الناس بلبسها فلا يعدل إلى ما هو غاية في الغلظ ولا يكلف بما هو غاية في الرقة.
وأما قوله:"بسوط أو عود بينهما" الخ فقد ورد في هذه الصفة مرسلات منها عن زيد بن أسلم عند مالك في الموطأ أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال: "فوق هذا"، فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال:"بين هذين" فأتي بسوط قد لان وركب وركب به فأمر فجلد وفي معناه مرسل آخر أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير ومرسل ثالث أخرجه ابن وهب من طريق كريب مولى ابن عباس.
قوله:"ويتوقى الوجه والمراق".
أقول: أما توقى الوجه فقد ورد الأمر به على العموم فيدخل الجلد في ذلك وهذا الأمر بالتوقي للوجه ثابت في الصحيحين [البخاري "٢٥٥٩"، مسلم "١١٣/٢٦١٢"، وغيرهما [أحمد "٢/٣٢٧، ٣٣٧"] ، وأما توقي المراق فلم يرد في ذلك شيء بل من جملة ما ينبغي وقوع الضرب عليه إلا إذا كان يحصل بالضرب عليها زيادة تضرر وتألم.