للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: إن القلوب التي تعمى هي القلوب المعروفة الكائنة في الصدور.

فالقلوب تحيا وتبصر وتموت وتعمى، ونصيبها من ذلك متأثر بما فيها من الإيمان والعلم قوة وضعفا.

كما أنها قد تكون عوراء وذلك إذا خلط العلم المستمد من الكتاب والسنة بغيره، فيرى من الحق بما معه من نور الكتاب والسنة، ويقع في ضلالات بسبب تلك الظلمة التي نتجت عن العلوم الدخيلة.

ومثله في المصباح: إذا خلط الوقود الجيد بوقود رديء فإنه يضعف نوره، وينبعث منه دخان يلطخ باطن الزجاجة، وكلما زاد الوقود الرديء زاد الدخان حتى يظلمها.

وخلاصة هذه الفائدة:

أن المثل دل على أن النور الذي يجعله الله في قلوب المؤمنين نور حقيقي، ومأخذ ذلك هو تشبيه ذلك النور - الذي يعلم معناه ولا تعقل كيفيته١ - بنور المصباح المحسوس. ولا يجوز تشبيه شيء


١ حقيقة النور الذي هو فعل الله، ووجوده في القلب من جنس وجود الروح في البدن، ووجود العقل، وهذه يقطع بأن لها وجوداً حقيقياً، لكن لا تعرف كيفيتها.
وأثر نور العلم والإيمان على المؤمن له حقيقة أيضا، وهي التي عبر عنها ابن القيم - رحمه الله - بقوله المتقدم: "والنور في الحقيقة هو كمال العبد في الظاهر والباطن". انظر: ص (٣٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>