[الفصل الثاني: المثلان المضروبان لأعمال الكفار من سورة النور]
[المبحث الأول: دلالة السياق الذي ورد فيه المثلان]
...
المبحث الأول: دلالة السياق الذي ورد فيه المثلان.
ورد هذان المثلان في سورة النور في سياق المثل الذي ضربه اللَّه لنوره في قوله:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ....} الآية.
حيث بين سبحانه بهذا المثل نوره الذي يجعله في قلب عبده المؤمن وأثر ذلك النور في استنارة القلب وبصيرته في كل وظائفه وخاصة تعقله، مما يجعل المؤمن بسبب ذلك يمشي في الناس على بصيرة من أمره، كما قال عز وجل:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١.
ثم أتبع ذلك - سبحانه وتعالى - بذكر أثر النور على أعمالهم حيث رأوا به محاسن الأعمال فلازموها ولم يشتغلوا عنها بما دونها، وكيف أن اللَّه قبل أعمالهم التي دلهم عليها نور العلم ودلهم على أسباب صلاحها وصحتها، وأثابهم عليها أحسن الثواب، حيث قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّه أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّه وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا