لم يرد في ألفاظ المثل مما يتعلق بالممثّل له إلا قوله في بداية المثل:{وَالَّذِينَ كَفَرُوآ أَعْمَالُهُمْ} وقوله في ختام المثل: {وَوَجَدَ اللَّه عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} أما بقية حال الممثّل له فلم تُذكر اكتفاء بدلالة الممثّل به عليها، وترك الأمر للسامع للاستدلال عليها.
"وفي هذا المثل الرائع يظهر لنا من خصائص الأمثال القرآنية صدق المماثلة بين المثل والممثّل له، ويظهر لنا أيضاً عنصر البناء على المثل والحكم عليه كأنه عين الممثّل، على اعتبار أن المثل كان وسيلة لإحضار صورة الممثّل له في ذهن المخاطب ونفسه.
وإذا حضرت صورة الممثّل له حسن طي المثل، وهذا ما يلاحظه في قوله:{وَوَجَدَ اللَّه عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} بعد قوله: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَآءً حَتَّى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} .
فالنص ينتقل بشكل مفاجئ من المثل إلى الممثّل له، ويأتي ترتيب النتيجة المقصودة على المثل كأنه عين الممثّل له.
ويظهر لنا أيضاً من الخصائص حذف مقاطع من الصورة التمثيلية اعتماداً على ذكاء أهل الاستنباط، وكذلك حذف مقاطع من الممثّل له.
ففي المثل أبرزت صورة السراب، ثم صورة الظامئ الذي ظنه ماءً