تبرز أهمية المثلين في التعقيب بهما على المثل السابق لهما في قوله تعالى:{مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} الآية، حيث إنهما سيقا لزيادة تأكيد المعنى والغرض الذي قرر في سياق المثل، وهو:
بيان أن العلم النازل بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو الطريق الوحيد لحصول الإِيمان، ومعرفة الحقائق، وأن المؤمنين إِنما استنارت قلوبهم، وصلحت أعمالهم وأحوالهم به، وأنه لا طريق لحصول ذلك سواه.
وهذان المثلان يؤكدان هذا المعنى ببيان حال الضد، حيث يقرران أن من ضل من الكفار أياً كان نوع كفره فمرد كفرهم إلى الإعراض أو مخالفة العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم في الجملة ينقسمون إلى قسمين:
القسم الأول: من طلب العلم والإِيمان عارفاً بأهميته، إلا أنه طلبه من غير محله، فضلّ ولم ينتفع من سعيه بشيء.
القسم الثاني: من كذّب الرسول صلى الله عليه وسلم وأعرض عما جاء به، ولم ير للَّه حقاً، وبقي غارقاً في كفره وضلاله.
فهذه الأمثال متظافرة على تقرير حقيقة هامة، هي:
بيان أن سبب الهداية الأهم، وطريقها الأوحد، هو تعلم ما أنزل اللَّه من الهدى والنور في كتابه المبين، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والعمل به.
وأن سبب الضلال الأهم هو والإِعراض عن ذلك والجهل به.