المطلب الخامس: خلاصة دراسة هذا المثل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوآ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ ... } الآية.
تبين من دراسة هذا المثل ما يلي:
أولاً: نوع المثل: يقوم هذا المثل على القياس التمثيلي، وهو تمثيل مركب، شبّه فيه الممثّل له وهو: مصير أعمال الكفار، وما يتصل بها، وحال عملها، بمصير وحال اللاهث وراء السراب، وما يلابس هذه الحال، ويحيط بها، وما تستلزمه.
ثانياً: الممثّل به: سراب لاح لشخص في صحراء منبسطة، في رائعة النهار، والشمس كأشد ما تكون إضاءة وحرارة، وقد اشتد عطشه وقويت حاجته إلى الماء، فظن ذلك السراب ماء، فجرى نحوه، فلما وصل المكان الذي تراءى له فيه لم يجد ماء ولا شيئاً، ولم يغن عنه سعيه، ولا ظنه في إنقاذه من الهلكة، وباء بالخيبة، ولم يسلم من المؤاخذة.
ثالثاً: الممثّل له: بيان حال صنف من الكفار من حيث سبب ضلالهم، وحكم أعمالهم، وجزائهم عليها.
هؤلاء الكفار تميزوا بأنهم من المنتسبين إلى الإِسلام، ويدَّعون الإِيمان باللَّه، ويطلبونه ... إلا أنهم ضلوا بإعراضهم عن الإِيمان الحق الذي دل عليه كتاب اللَّه المحفوظ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وطلبوا ذلك من مستنقعات الضلال فهم يتعلمون ويعملون ولكن على غير هدى.