للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكسبهم ذلك رشداً وسداداً يحكم سيرهم في الحياة وبين الناس، حيث يقدمون الباقي على الفاني، ولا تشغلهم أمور دنياهم وحاجاتهم عن طاعة ربهم وما ينفعهم في أخراهم، وضمَّنوا سعيهم في الدنيا أعمالا يتقون بها ما يستقبلونه في الأخرى، فحالهم كما قال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} ١.

قال ابن جرير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "يقول: فهديناه للإسلام، فأنعشناه، فصار يعرف مضار نفسه ومنافعها، ويعمل في خلاصها من سخط الله وعقابه في معاده، فجعل إبصاره الحق- تعالى ذكره - بعد عماه عنه، ومعرفته بوحدانيته وشرائع دينه بعد جهله بذلك، حياة وضياء يستضيء به فيمشي على قصد السبيل، ومنهج الطريق في الناس"٢.

ومن هذا المعنى قول الله عز وجل: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ


١ سورة الأنعام آية (١٢٢) .
٢ جامع البيان (٥/٣٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>