وهذا الاعتبار يرد على كلتا الطائفتين - المتكلمين العقلانيين، والمتصوفة القائلين بالكشف - حيث عطلوا أثر العلم بالكتاب والسنة في تحصيل المطالب اليقينية، فهم بمثابة من قطع الزيت عن المصباح، فأنطفأ وأظلم، وقد يحرق الفتيلة.
وكذلك القلب إذا قطع عنه العلم فإنه يظلم ويعمى، وقد تفسد فطرته، وكل ما يقوم به بعد ذلك فهو ضلالات وأوهام.
ثالثاً: دل المثل على أن صحة التعقل وسلامته مستفادة من النور الذي أشرق في القلب من الإيمان والعلم، وذلك أن الزجاجة في المصباح تقابل الوظائف القائمة بالقلب كما دل عليه الاعتبار بالمثل المتقدم١.
والنور ينبعث من المصباح وينير الزجاجة، ثم ينفذ من خلالها إلى الخارج فيبصر صاحب المصباح بقلبه المستنير مواطن الخير والشر والهدى والضلال.
والذي لم يتعلم العلم الشرعي فإن نُور قلبه ضعيف - إن كان مسلماً - أو قلبه مظلم إن لم يكن مسلماً، فالعلم بالوحي مؤثر في العقل ينير له الطريق.