وهذا الاعتبار يرد قول المتكلمين الذين زعموا أن النظر العقلي المجرد عن نُور العلم والإيمان تعرف به الحقائق والخير والهدى من ضدها، وعلى قولهم يكون العقل ينير القلب، وهذا قلب وعكْس لمدلول المثل والبيان الإلهي فيكون باطلاً قطعا.
والحق أن العقل يستنير بالعلم، وذلك أن العلم النازل من الله في نصوص الوحي يبين الحق من الباطل، والهدى من الضلال، بأحكام معلقة بأوصاف ومعالم وأمثال، والعقل يتعرف عليها ويتحقق من وجودها في الأعيان والمعاني ويلحق بها الأحكام.
ومثال ذلك: قائد السيارة في الظلماء فإنه يحتاج إلى إنارة المصابيح، والمصابيح مثال نُور العلم، وقائد السيارة مثال العقل، فالمصباح ينير للقائد والقائد يتعرف به على مواقع الطريق ويتقي أخطاره.
وقد قلت في ذلك:[ملف الجداول]
علمُ الفتى بالله أَصْلُ حَياته
وَربيعُ قلبِ العَبد حُبُ الأوحدِ
والعلمُ نُور للفتى في دَرْبه
والعقلُ يحكم سَيره ويسدد
رابعاً: ورد في سياق المثل ما يدل على أن الطريق لحصول نُور الله واحد هو ما دل عليه المثل، وذلك في قوله:{مَثَلُ نُورِهِ} وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّه لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} .