للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب مثَل السراب يختلف عن إعراض أصحاب مثل الظلمات.

ثانياً: أن التأمل في صورة المثلين يدل على اختلافهما صورة ومعنى مما يدل على اختلاف الذين ضُرب لهما المثلان، وأن كل مثل ضرب لطائفة معينة، بحسب الطريق الذي كان به ضلالها عن نور العلم والإِيمان.

قال ابن تيمية - رحمه اللَّه -: "فيكون التقسيم في المثلين لتنوع الأشخاص ولتنوع أحوالهم، وبكل حال فليس ما ضُرب له هذا المثل هو مماثل لما ضُرب له هذا المثل، لاختلاف المثلين صورة ومعنى، ولهذا لم يُضرب للإِيمان إلا مثل واحد، لأن الحق واحد فضُرب مثله بالنور، وأولئك ضُرب لهم المثل بضوء لا حقيقة له، كالسراب بالقيعة، أو بالظلمات المتراكمة"١.

ويمكن بيان اختلاف المثلين فيما يلي:

١- حال الشخصين مع النور:

إِن المثل الأول لا يتحقق إلا في رائعة النهار والشمس مشرقة، فاللاهث وراء السراب قد استنار ما حوله، ومع وجود النور حوله فإنه لم يهتد إلى موضع الماء الحقيقي، وإنما سار خلف السراب الخادع.

أما في المثل الثاني فنور الشمس محجوب عنه بحجب غليظة، قد حجبها السحاب، وظلمة الأمواج، فالمحيط حوله ظلام دامس.


١ مجموع الفتاوى (٧/٢٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>