ابن الجوزي بجميع كتابه المسمى ب «السهم المصيب في الرد على الخطيب» قال في أثناء كتابه: (فصل) وجمع الخطيب كتابا في الجهر بالبسملة فساق فيه الأحاديث التي يعلم أنها ليست صحيحة مثل حديث عبد الله بن زياد بن سمعان وقد أجمعوا على ترك حديثه. فقال مالك: كان كذابا ومثل حديث عبد الرحمن بن عبد الله العمرى، قال أحمد: كان كذابا. ومثل حديث حفص بن سليمان، قال أحمد: هو متروك الحديث. وكل أحاديثه قد تكلمت عليها في التعليقة وبينت وهاءها، فلا أعيد.
والعجب منه كيف يعارض بمثل هذه الأحاديث الصحاح وصنف كتاب «القنوت» فذكر فيه من هذا الجنس، ولولا أن مسائل الخلاف أولى بذكر ذلك من هاهنا لذكرت من ذلك هاهنا الكثير وإنما المقصود بيان عصبيته الخارجية على الحنابلة، ومدحه المبتدعة وأصحاب الكلام، وما للمحدث ومدح المتكلمين. وقد قال الشافعي: حكمى في أهل الكلام أن يحملوا على البغال ويطاف بهم في القبائل، ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام.
قال ابن الجوزي: أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن أبيه. قال سمعت إسماعيل بن الفضل القوسى- وكان من أهل المعرفة بالحديث- يقول: ثلاثة من الحفاظ لا أحبهم لشدة تعصبهم وقلة إنصافهم الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم الأصفهانى، وأبو بكر الخطيب.
قلت: كان إسماعيل هذا حافظا ثقة صدوقا له معرفة بالرجال والمتون، غزير الديانة سمع أبا الحسين بن المهتدى وابن النقور وغيرهما. وقال الحق.
فأما أبو عبد الله الحاكم فأخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثابت قال: كان ابن البيع الحاكم يميل إلى التشيع، وأنبأنا أبو الفتح بن عبد الباقي عن أبى محمد التميمي عن أبى عبد الرحمن السلمى. قال: دخلت على الحاكم أبى عبد الله وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من جهة أصحاب أبى عبد الله بن كرام وذلك أنهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج. فقلت له لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل يعنى معاوية حديثا لاسترحت من هذه المحنة؟ فقال:
لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي لا يجيء من قلبي.
وأما أبو نعيم الأصفهانى فكانت له العصبية في مذاهب الأشاعرة، ورأيت له