للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كتابا قد سماه «مذهب الحروفية» فذكر مذهب الأشعريّ مختلطا بضده وهو لا يدرى مثل قوله: من قرأ حرفا من القرآن فله عشر حسنات، ومن دليل تخليطه أنه قال:

القراءة غير المقروء. ثم حكى عن أحمد بن حنبل أنه سئل ما تقول في رجل قال التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة؛ والقرآن كلام الله ليس بمخلوق؟ فقال: هذا يجانب، وهو قول المبتدعة. فقلت: فمن أحتج على ما نصره بهذا لا يصلح أن يكلم لأنه يريد أن يحتج لنفسه فيحتج على نفسه وليس هذا موضع الرد عليه وإنما المقصود أنه متصعب وما للمحدث والخوض في الكلام وهو يروى نهى السلف عنه، وأما الخطيب فإنه زاد عليهما في التعصب وسوء القصد، ولهذا لم يبارك في كتبه ولا يكاد يلتفت إليها وهي كتب حسان، ولو ذهبنا نذكر أغلاطه وما تعصب به لطال ومن تبلغ به العصبية إلى ما قد ذكرنا من تغطية الحق والتلبيس على الخلق لا ينبغي أن نقبل جرحه وتعديله لأن فعله وقوله ينبئ عن قلة دين، ولقد نقلت من خطه أشعارا قالها منها:

تغيب الناس عن عيني سوى قمر … حسبي من الخلق طرا ذلك القمر

محله من فؤادي قد تملكه … وحاز روحي فما لي عنه مصطبر

أردت تقبيله يوما مخالسة … فصار من خاطري في خده أثر

وكم حكيم رآه ظنه ملكا … وراجع الفكر فيه أنه بشر

ومنها:

بات الحبيب وكم له من ليلة … فيها أقام إلى الصباح معانقي

ثم الصباح أتى ففرّق بيننا … ولقلما يصفو سرور العاشق

ومنها:

للخمر والورد حق لست أجحده … إذ ناسبا ما بدت منه بلاياى

فالخمر من طيب ريق الحب قد سرقت … والورد أضحى يحاكى خد مولاي

ومنها:

بالله أقسم أيمانا مغلظة … ما مثل حبى مشى في سائر الناس

إذا بدا يتثنى خلته قمرا … من فوق غصن مديد الفرع مياس

شربت من لحظه خمرا سكرت بها … زادت على نعت خمر الكاس والطاس

<<  <   >  >>